أمانة الأجداد

نعم أنا الوطن وهذا يومي وعمري تسعة وثمانون عاماً، تسعة وثمانون عاماً من العزة والسؤدد والمنعة والبيت الموحد، تسعة وثمانون عاماً من العطاء والنماء تحت حكم الرجال الأوفياء، تسعةٌ وثمانون عاماً لم تتوقف فيها الأحلام ولم ينقطع فيها العمل، تسعةٌ وثمانون عاماً نحتفل بها ونرفل في ثياب الرخاء، ونقترب من عنان السماء.

منذ أن كانت الأرض صحراء زرعها أجدادنا حتى غدت خضراء حسناء تعجب الزراع، كانوا يزرعونها أحلاماً ويسقونها عرقاً؛ فآتت أكُلها وأكلنا من طلعها وتعاهدناها بالرعاية؛ لتبقى أمانة الأجداد محفوظةً في أيدي الأحفاد.

يقول الملك عبدالعزيز رحمه الله: "أنا قوي بالله تعالى، ثم بشعبي، وشعبي كلهم، كتاب الله في رقابهم، وسيوفهم بأيديهم، يناضلون ويكافحون في سبيل الله، ولست أدّعي أنهم أقوياء بعددهم أو عُددهم، ولكنهم أقوياءٌ إن شاء الله بإيمانهم".

ويقول الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله: "إن كل مواطن في بلادنا وكل جزء من أجزاء وطننا الغالي هو محل اهتمامي ورعايتي، فلا فرق بين مواطن وآخر، ولا بين منطقة وأخرى، وأتطلع إلى إسهام الجميع في خدمة الوطن".

ونحن نقول لملكنا الغالي: نعم نحن الشعب السعودي من شرق الجزيرة إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، ومن عمق وسطها، الكبار والصغار، الرجال والنساء، من كل شبر في الأرض، ومن كل نسمة صعدت في السماء، نقول ونردد: دمت لنا حاكماً عادلاً ورمزاً مجيداً، دمت للحرمين خادماً، وللأمتين زعيماً، دمت للمسلمين فخراً وللعرب ذخراً.

يا سيدي حنّا لك العون والعين ... خذ من بصرنا لك وأخذنا بصاير

وإلى ولي العهد شعبك لك يعين ... بالعزم والرؤية ترانا ذخاير

باسم كل جندي وضابط، وكل عسكري مرابط نقول: ستبقى بلادنا آمنةً حصينةً رغم كيد الكائدين وعبث العابثين، ولن نفي هذا الوطن حقه ولو نثرنا دماءنا على أرضه، وزرعنا أجسادنا على حدوده، كم نمنا تحت سمائه آمنين، وكم سرنا على أرضه سالمين، وكم لهونا، وكم لعبنا، وكم وكم وكم...

إن أرضاً تضمنا حيث كنَا ... وسماءً عنانها مبتغانا

سنضحي لأجلها ما حيينا ... سنضحي ومبتغانا العنانا

بلادٌ اختارها الله أن تكون قبلةً للمسلمين، ومهداً لرسالة خاتم الأنبياء المرسلين؛ فكان لزاماً علينا أن نكون أهلاً لتلك المكانة التي شرفها الله بها، ثم أنعم علينا بأسرة حاكمة، لم يتوان كل حاكم منها في شؤون البلاد والعباد؛ فبلغنا ما بلغنا من العزة، والقوة، والمكانة الرفيعة بين دول العالم.

إن تحدثنا عن أرضنا وإن كانت صحراء قاحلة فهي أرض الخير والأرتال، وكيف لا تكون كذلك وفيها الحرمان الشريفان، الأرض التي دعا لها أبونا إبراهيم عليه الصلاة والسلام بالأمن ولأهلها بالرزق، لم ينقطع ماء زمزمها ولم تقف قدم زائزها، ولم يألُ حكامها جهداً في مسيرة الرفادة والحجابة.

وإن تحدثنا عن اقتصادنا فهو متينٌ، وإن تحدثنا عن سياستنا فهي رصينةٌ، وإن تحدثنا عن حكامنا فهم عادلون، من عهد المؤسس إلى يومنا هذا ونحن على ذلك شاهدون؛ ولهذا بلغنا ذروة الريادة وتبوأ حكامنا القيادة، وكل يومٌ يمر بنا في هذا الوطن نشعر فيه بنعم عظيمة وآلاء جمّة، وهو ما يدفعنا للعمل والمسارعة نحو المجد والعلياء؛ فنحن خلقنا لها وسنبقى كذلك.