السعودية العظمى

"العظمى" لقب تتزين به بعض الدول، بسبب ما تمتلكه من طاقات بشرية، وقدرات عسكرية، ومصانع ضخمة، واقتصاد كبير؛ وما تمتلكه من قوة نوويه وتكنولوجيه.

والمملكة تمتلك العديد من تلك الأدوات، ولكنني لا اتحدث في هذا المقال من ذلك المنطلق الضيق القريب، بل سأتحدث عن عظمة التاريخ، وعظمة الرسالة، وعظمة هذا الشعب، الذي سكن الأرض، قبل آلاف السنين.

كانت صحراء فبنى الحضارات المتعاقبة. ومازالت شواهدها على الأرض. عناوين تخاطب عقل المتفكر والمتدبر. هذا الشعب الممتد تاريخياً وحضارياً، يبني اليوم وجوده؛ ويؤسس حضارته الجديدة؛ ويُسمع العالم صوته؛ ويريهم انجازاته. وينافس بقوة في كتابة التاريخ. تتقدم به قيادة طموحة، تمتلك رؤية ثاقبة للأحداث؛ وتؤسس نهجها بالعزم والحزم؛ ولا تتهاون مع الفساد والإرهاب.

اتحدث عن وطني، (المملكة العربية السعودية) في عيدها ال(89)، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين محمد بن سلمان حفظهم الله، وكلي فخر بما حققه المؤسس رحمه الله، وما حققه ابناءه من بعده.
(وطن) منذ فجر التاريخ، وعين الله ترعاه.

أرتحل إليه إبراهيم الخليل (عليه السلام) بأمر ربه، لتحل فيه بركة الله، ويرفع مع اسماعيل فيه قواعد البيت العتيق. (وطن) جعل الله أفئدة الناس تهوي إليه.

(وطن) بعث الله فيه انبياءه صالح، وهود، وشعيب، ومحمد، عليهم السلام. (وطن) اختاره الله ليكون موطن آخر الرسالات. وجعل من ابناءه خير أمة أخرجت للناس. (وطن) مميز في تاريخه، وأبنائه، وحتى في جغرافيته. تتوسط جزيرة العرب العالم أجمع، وترسم البحار حولها أجمل لوحة جغرافية، كيف لا وقد رسمها الواهب سبحانه. وطن جعل الله البترول في شرقه، ومكة والمدينة في غربه. خزائن الله وبيته العتيق.

(وطن) تكاد تتكالب عليه الأمم، ولكننا ننعم بفضل الله، وعطاءه. يأتيه رزقه رغداً من كل مكان. (وطن) يستشعر ابناءه نعمة المنعم. مساجده عامره بذكر الرحمن، وقلوب ابناءه عامرة بالإيمان.

ومن فضل الله ورحمته، اختار الله لهذه الارض، اسرة مباركة؛ وهبها المُلك؛ وأمدها من كل سبب؛ فأعطت وعدلت، وحكمت وأمِنت. اختار الله، سبحانه، الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن ال سعود (رحمه الله)، قبل أكثر من مائة وعشرين عاماً، ليهبه الملك، على هذه الأرض المباركة.

مجدداً ومصلحاً وموحّداً للبلاد والعباد. جاء والناس يقتتلون على كل شيء، وغادر إلى رحمة ربه، والناس يداً واحدة، يعمرون الأرض. ويتنافسون على مقاعد الدراسة. يقودهم الايمان وطاعة الله، ورسوله، وولاة الأمر.

كانوا قبل وصوله في شر عظيم، وتركهم (رحمه الله)، في خير أعظم. واليوم نحتفل بالذكرى الغالية لتوحيد (الوطن). ونحتفل أيضاً بامتدادنا التاريخي بفجر الاسلام.

عندما انطلق من هذه الأرض المباركة، نور الله وبيان؛ فأضاء العالم، على يد محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم)، وصحابته الميامين.

تاريخنا العريق، هو مصدر ثقتنا واعتزازنا. وحضارتنا اليوم، هي امتداد لحضارات الأمم، التي قبلنا. وهذا سر من اسرار عظمتنا.

جاءت (الدولة السعودية الأولى)، لتجدد للناس أمر دينهم؛ ولتعيد وهج الرسالة؛ وتنبذ الشركيات، التي كانت تملأ الأرض. وجاءت (الدولة السعودية الثانية)، لتحفظ للناس أمنهم وتعلّمهم أمر دينهم.

وجاءت (الدولة السعودية الثالثة)، لتوحّد الصفوف، وتؤلف بين القلوب والكفوف، وتنقل الناس من الشقاء إلى رغد العيش، ومن الفقر إلى الغنى، ومن الجهل إلى العلم، ومن الخوف إلى الأمن.

وهانحن اليوم ننطلق لنرسم ملامح جديدة، ودولة حديثة، وننظر برؤية أكثر إشراقاً، وتناغماً مع طموحات شباب الوطن وقيادته. هممنا عالية، وقيادتنا واعية ومتطلعة.

حولنا عالم يتطور في كل ثانية. ومعنا تاريخ عظيم، ونحن بسببه أعظم. وكل عام ووطنا ينعم من خير ربنا، وعطاءه وأمنه. دام عزك ياوطن.