ولي العهد في شفافية مع العالم

عبر التاريخ المعاصر على الأقل لم تتعرض شخصية قيادية لهجوم كما تعرض له ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ولأن كان ولي العهد هو المستهدف المباشر بحكم شخصيته القوية وما أحدثه من تحولات وتغيرات في إدارة حكم الدولة على المستوى الاجتماعي والديني والاقتصادي والسياسي والأمني.

إلا أن المتعمق في بواطن الأمور يدرك أن المستهدف الحقيقي هو المملكة العربية السعودية ككيان ، مستهدفه في مكانتها وقيادتها وشعبها وثرواتها ودورها الخليجي والإقليمي والدولي . هكذا يجب أن نفهم كسعوديين واقع وحقيقة الاستهداف ومن يقف وراءه مجاهرة أو خفية وندافع عن وطننا بكل مقوماته.

وندرك بأن بعض المواقف العسكرية والسياسية والاقتصادية التي اتخذتها بلادنا لم تكن اختيارية وأنما فرضتها مسؤولية بلادنا الدولية والإقليمية وطبيعة الأحداث في منطقة الشرق الأوسط وليس الخليج فقط وأطماع بعض القوى الأقليمية كإيران وتركيا في استغلال بعض الدول الصغرى والسيطرة ونشر الفوضى الخلاقة.

فقد قالوا شاخت الحكومة والقيادة السعودية وما علموا أنها ولّادة للأبطال والقيادات من الأسرة السعودية الحاكمة.

ولما منح الملك سلمان حفظه الله الشباب فرصة الحكم والقيادة في مركز الحكومة وقمتها وفي الوزارات وإمارات المناطق قالوا أصبحت الحكومة السعودية متهورة في سياساتها وسعوا لشيطنتها باستغلال معدومي الضمير على مستوى العالم ، وهو ما يؤكد لنا المستهدف الحقيقي من هذه الحملات المزعومة ضد ولي عهدنا خاصة وبلادنا عامة .

واللقاء الأخير لولي العهد الأمير محمد بن سلمان في قناة CBS الأمريكية يؤكد قوة الحكومة ومصداقيتها ووضوح رؤيتها وأهدافها ومستوى شفافيتها في القضايا العامة والخاصة وحتى الحساسة منها في نظر كثير من المتابعين.

ويجب علينا كسعوديين سماعه وفهمه واستيعابه لنتيقن أن حكومتنا تسير في الطريق الصحيح بعيداً عن المتاجرين بالقضايا المحلية والدولية ، وعلى سبيل المثال قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي يرحمه الله التي استغلتها تركيا وقناة الجزيرة القطرية تحديداً ومن يقف معهم من أصحاب المصالح الضيقة.

قال عنها ولي العهد أنها جريمة مؤلمة وأنه لم يأمر بقتله وأنه يتحمل مسؤولية وقوعها من منطلق كون من قام بها موظفين حكوميين يعملون في الحكومة ، ولم يعلم بوقوعها ، ومن المستحيل على المسؤول الثاني في الدولة أن تصله تقارير يومية عن الممارسات الخاطئة لأكثر من ثلاثة مليون موظف حكومي.

وأن من مسؤولياته اتخاد التدابير اللازمة حيالها لضمان عدم تكرارها مستقبلاً بحق أي مواطن سعودي مهما كان اختلافه مع الحكومة ، وأن الحكومة السعودية أكبر من أن يهددها محرر عمود صحفي ، بل ما يهددها هو فعل هذه الجريمة بحق صحفي سعودي وفي السفارة السعودية ، وأن القضاء السعودي سيحكم في ذلك بكل موضوعية ، ودعا سموه بكل شجاعة من يتهمه بقتل الصحفي السعودي إلى إخراج وإعلان المعلومات التي تدينه في جريمة قتل الصحافي السعودي من أي جهة كانت على مستوى العالم .

وسُأل سموه عن الحل للحرب في اليمن والأزمة الإنسانية التي يعيشها اليمنيين وأجاب بأن وقف إيران لدعم الحوثي سيسهل الحل السياسي ويمكن جميع الأطراف اليمنية من الالتزام به وتطبيقه على أرض الواقع ، وأبدى سموه تفاؤله بوقف إطلاق النار من قبل الحوثي من جانب واحد ورآه إيجابي لدفع الحوار السياسي بشكل أكثر جدية.

وعن أحداث ٢٤ سبتمبر ٢٠١٩ والهجوم على أرامكو السعودية والذي هو امتداد للدور الإيراني في المنطقة ، وضح سموه أنها عملية حمقاء وغبية ، و أن استهداف أكبر منشأة نفطية على مستوى العالم لم يهدد السعودية فحسب ولكنه تهديد للاقتصاد العالمي وضمان استمرار تدفق الطاقة لدول العالم.

وأنه يعد بمثابة إعلان حرب على العالم وليس السعودية ، وأن الحكومة السعودية لا تتمنى الرد العسكري لمواجهة التعنت الإيراني والحل السياسي هو الأمثل طالما هناك أمل لتحقيقه.

وأكد تأييد الحكومة السعودية لجلوس الرئيس الأمريكي مع إيران للوصول إلى اتفاق نووي جديد يضمن سلامة واستقرار المنطقة .

وعن العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية ومدى تأثرها في ضوء قضية الصحفي السعودي وحرب اليمن ووجود بعض النوايا السيئة تجاه السعودية من يعض أعضاء الكونجرس الأمريكي ، ذكر أن العلاقة بين البلدين أكبر من ذلك بكثير والمستقبل أفضل بكثير مما حدث في الماضي .

وعن سجن بعض الناشطات السعوديات بين أن السعودية يحكمها القانون وأن إطلاق سراحهن مناط بالمدعي العام والقضاء بحكم استقلاليتهما.

وما يشاع عن تعذيب بعضهن أمر بشع لأن الإسلام والقوانين السعودية والضمير الإنساني تحرم هذه الأفعال ، ووعد سموه بمتابعة ذلك بنفسه .

وبسؤال سموه عن عدم وفاءه بالتعهدات التي قطعها على نفسه في ما يخص ممارسة الحريات وحقوق المرأة والإسلام الوسطي في ظل وجود عمليات قمع وسجن للنشطاء في الداخل.

ذكر سموه أنه انطباع مؤلم وغير حقيقي وينظر للصورة من زاوية ضيقة في ظل وجود أنظمة وقوانين تحكم الدولة ويجب احترامها طالما أنها قائمة حتى يتم تطوير أو تغيير كثير منها.

وتمنى أن يأتي الجميع إلى السعودية ليحكموا بأنفسهم على الواقع النهضوي التي تعيشه بلادنا ، وختم سموه اللقاء بأنه ليس معصوم من الأخطاء والأهم التعلم منها وعدم تكرارها .