الأمن الوطني بين النظرية والتطبيق.. رئاسة أمن الدولة انموذجاً

لا يمكن أن تدوم حياة البشرية إلا إذا كانوا آمنين على أنفسهم واهاليهم، مرتاحي القلوب، هادئين النفوس؛ لا يخافون من وقوع مكروه يُهدد أمنهم، أو ينتهك حرماتهم، أو تستلب خيراتهم، أو يفرض عليهم ما يُهدد أفكارهم وأوطانهم.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أصبح منكم معافى في جسده ، آمنًا في سربه ، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا.

ففي الحديث رتب الحاجات : الصحة أولاً، ووضع الأمن ثانياً ، والطعام والشراب ثالثاً ، وهذه هي الحاجات الأساسية لحياة الفرد والمجتمع.

وبيّن علم النفس الحديث أن الحاجة إلى الأمن تُعدّ من الأساسيات للإنسان إذا فقدها اختل توازنه ، واضطربت شخصيته وحدثت لديه بعض الأمراض النفسية والعضوية ، وعندما يفقد الإنسان أمنه يفقد ثقته بنفسه ويفقد ثقته بالآخرين .

وبالتأمل في مصطلح (الأمن الوطني) نجد أنه مكون من الآتي:

عنصر (الأمن) وهو في اللغة نقيض الخوف.

العنصر الثاني كلمة (وطني) ويعنى بالدولة بعناصرها الثلاثة (الأرض ، والسلطة ، والشعب).

والأمن الوطني عبارة عن مجموعة من الإجراءات المبنية على احترام الحقوق وتطبيق الأنظمة بكافة مجالاتها والتي تتخذها حكومة أي بلد في حدود طاقتها للحفاظ على كيانها ومصالحها وتأمين الحصانة الفكرية لجميع افرادها من مواطنين ومقيمين وزائرين ، من خلال إيجاد الأجهزة الأمنية القادرة على القيام بهذه الوظيفة لأنها العمود الفقري لجميع مهام الدولة.

وبدون هذه الوظيفة لا تستطيع الدولة أن تبلغ أهدافها أو تحقق مرادها ، فتحقيق الأمن من أهم غايات الدولة ؛ نظرًا لأهميته القصوى لاستقرارها وانطلاقها لتحقيق أهدافها الكبرى في المجالين الداخلي والخارجي على السواء .

وللأمن الوطني أربعة مستويات :

المستوى الوطني : ومجاله الأمن الداخلي وأداته السياسة الداخلية.

المستوى القومي : ومجاله الأمن العربي الشامل وأدواته المنظومة العربية .

المستوى الإقليمي: ومجاله الأمن الإقليمي بالتعاون مع دول الجوار الجغرافي والإقليم الذي توجد فيه الدولة وأداته السياسية الخارجية الإقليمية .

المستوى الدولي : ومجاله العلاقات الدولية والمنظمات الدولية والتعاون الثنائي أو الجماعي والأمن الدولي ، وأداته السياسة الخارجية الدولية.

ويُعد جهاز (رئاسة أمن الدولة) من ضمن أجهزة الدولة المعنية بالحفاظ على مرتكزات الأمن الوطني من حيث النطاق الداخلي وبمفهوم أمني شامل ونظرة استراتيجية تشمل جميع مجالات الأمن (فكري, ايدلوجي, غذائي, اقتصادي, مائي ... الخ.

ولعل المتابع المنصف يُدرك جهودها في إيصال رسالة مجتمعية واعية تقوم على مبدأ مؤسستها الأمنية فيما يختص بالقضايا التي تستهدف الدولة ومجتمعها وأمنها بمفهومها الشامل، والقضايا الهادفة إلى تقويض كيانها وتدمير المجتمع والقضايا الادارية والمالية المشبوهة والناتجة عن سوء استغلال السلطة.

سيما أن الأمن والأمان والتلاحم والترابط والألفة بين ذلك الجهاز والشعب أساس مهم في تعزيز الاستقرار والازدهار والتنمية في المملكة حيث تتواصل الإنجازات برؤية المملكة الطموحة والواعدة (2030) ، وبرنامج التحول الوطني (2020).

وتتضح جهود الرئاسة عبر تفاعلها الدائم والمباشر مع الأحداث الداخلية والخارجية من خلال بيانات متحدثها الرسمي سعادة اللواء مهندس/ بسام عطيه ذات الطابع المختصر والعبارات الرنانة ذات الأبعاد المستقبلية والتنبؤات الوقائية.

إضافة للإنتاج المعرفي الوطني الإعلامي الذي يصدر من قبل الإدارة العامة لمكافحة التطرف, والذي يمتاز بالأسلوب السهل والمفهوم لكل أفراد المجتمع لا فرق بين ذكر أو انثى وصغير أوكبير مواطن كان أو مقيم أو زائر.

اضافة لتجربتها الفريدة في اصلاح نزلاء سجون المباحث العامة في برنامج (إدارة الوقت) والذي يقام بشكل سنوي واثره على النزلاء وذويهم داخل السجن وخارجه.

وتحضرني ابيات الشاعر المميز عن وصفه للجهود المميزة والتجارب الفريدة فيقول:

اليوم يرقص مجد الجد مبتهجاً … بعد التفوق حتى قال حادينا

يا فتية العلم نُلتُمْ خير جهدكمُ …وصرتُمُ اليوم فرسانا ميامينا