النيابة العامة.. نظام في خدمة المواطن

تمثل النيابة العامة في كل دولة، جزءاً هاماً وحيوياً من الجهاز القضائي. وبتحويل هيئة الادعاء والتحقيق (التي أسسها الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله في العام 1409)، إلى مسمى النيابة العامة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حفظه الله، شهد هذا الجهاز النيابي فصلاً جديداُ لمواكبة تحديات ضبط الأمن في المجتمع، وتعزيز الحقوق بالطرق التي تضمن للناس حرماتهم.

إن حقوق المواطنين وإتاحة الفرص لممارسة تلك الحقوق بضمانات وحماية النيابة العامة يعتبر تطوراً حديثاً، وفصلاً مؤسسياً يعكس توحيد الوعي في إدراك المواطن لما ينبغي مواجهته من عواقب ومحاذير تمنع حريته حال ممارسته أخطاء بعينها.

لقد لعبت النيابة العامة بمسماها الجديد دوراً كبيراً في إرسال تطمينات حقيقية للمواطن والمواطنة والمقيمين ، أولاً بضبط المجالات التي تعمل في اختصاصها وتتصل بالمواطنين.

وثانياً في إزاحة كل ما ينعكس على سمعته أو دينه أو كرامته حين تمارس في حقه تطبيق الأنظمة.
لقد كانت لجهود خادم الحرمين الشريفين وجهود الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، دوراً كبيرا في عكس الوعي بمهام النيابة العامة.

ذلك أن تحديد دوائر التحقيق في النيابة العامة جاء واضحاً فيما يتصل بقضايا: الاعتداء على النفس، والاعتداء على المال، والاعتداء على العرض والأخلاق، والمخدرات والمؤثرات العقلية، والأسرة والأحداث، والوظيفة العامة.

والرقابة على السجون وتنفيذ الأحكام، إلى جانب جرائم المعلوماتية، والاقتصاد، والمرور والادعاء العام، والفساد والأمن الوطني ومكافحة الجريمة، وغيرها. مع تبيان طبيعة العقوبات الجزائية المتصلة بها.

كما أن عمل النيابة العامة مع استئناف نشاطها بالمسمى الجديد عبر القدرات التي أبرزتها في التعاطي العقلاني مع أحداث مقتل الصحافي جمال خاشقجي ومواجهة الحملة الإعلامية الشرسة التي قادتها أجهزة إعلامية خارجية وحكومات ودوائر ومنظمات في الغرب، بالإضافة إلى التفاعل الكبير والملحوظ وغير المسبوق مع الأحداث العامة ومايثير الرأي العام ويدخل في اختصاصها والذي عكس اهتماماً جاداً من قبل الشعب السعودي في تثمين دور النيابة العامة.

إن قدرة النيابة العامة على تفعيل نظامها النيابي عبر العديد من الوسائط الإلكترونية في ضبط مخالفات متصلة بتلك الدوائر المذكورة، سواءً أكانت متصلة بالعنف الرمزي أو بالتهديد في حق المواطنين؛ لهي التي ستؤكد لجميع المواطنين على أن الحقوق مكفولة للناس في إبداء آراءهم ما دامت سلمية.

ولا تتضمن تهديدات أو اهانات حيال الآخرين؛ ففي النهاية من حق كل مواطن أن يبدي رأيه بالطرق السلمية والحوارية والأخلاقية، دون التجاوز على حقوق الناس وكراماتهم.

الإهانة ليست وجهة نظر، كما أن سب الناس والانتقاص من كراماتهم جهلاً وعدواناً بغير علم، هو في الأصل سلوك نفسي منحرف، مهما توهم أصحابه غير ذلك من أوهام " الاحتساب " أو " النصيحة " أو تذرع به البعض للتهجم على الناس وإيذائهم باسم الدين.

لقد ولى ذلك الزمن الذي كان يظن فيه كل من هب ودب أنه له أهليةً في القيام بـواجب " الحسبة" أو " النصيحة " او التعدي على حرية الآخرين التي لاتخالف الدين والقانون من منطلق أوهامه وخيالاته المريضة؛ فذلك لا يعكس إلا اسقاطا ذاتياً بعيداً عن العلم، أو المعرفة أو الأخلاق. لذا فإن تنظيف الفضاء العام وحماية المواطنين وحفظ كراماتهم، وحرياتهم الشخصية هو من أهم مجالات عمل النيابة العامة.

ذلك أن كل من يصف مواطنا آخرَ يخالفه الرأي في موضوع اجتماعي ما، فيصفه بأنه " ديوث " مثلاً، أو يهدده بالقتل؛ هو في الحقيقة شخص يمارس إرهاباً فكرياً ورمزياً في حق الناس الأبرياء. وأمثال هؤلاء لابد من إخضاعهم لدوائر النيابة.

عبر جهود جبارة أحدثت النيابة العامة فرقاً واضحاً خلال الفترة القصيرة التي كثفت فيها جهوداً عميقة في خدمة أمن المجتمع وسلامته. فالفضاء العام المتصل باهتمامات المواطنين لبت فيه النيابة العامة عملاً متميزاً بعرض الكثير من الأفكار والنظم والمعلومات عبر وسائط إلكترونية جذابة، كان لها دوراً كبيراً في الاشادة بجناح النيابة العامة في مهرجان الجنادرية العام الماضي.