مغنو الراب الأتراك: لو قبض عليك «أردوغان» لن يتمكن صحفي واحد من كتابة تقرير لأنهم جميعا محبوسون!

أسفرت حملة قمع وحشية أعقبت محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في عام 2016 إلى اعتقال عشرات الآلاف من موظفي الحكومة والأكاديميين والصحفيين والمحامين، أو فصلهم من وظائفهم، وقمع أي أصوات معادية للحكومة.

وعلى الرغم من ذلك، لا يزال هناك بعض الذين يواصلون رفع أصواتهم، وبينهم مجموعة من 20 موسيقيا اجتاحوا تركيا في الأونة الأخيرة بأغنيتهم المصورة "سوسامام"، وهي كلمة تركية تعني "لا يمكنني أن أصمت".

وتستدعي الأغنية التي تستغرق 15 دقيقة مظالم الموسيقيين في ظل الوضع الحالي في تركيا، والعالم. وأطلقت الأغنية في 6 أيلول/سبتمبر، وخلال أسبوع واحد، سجلت 20 مليون مشاهدة على موقع "يوتيوب" لمشاركة ملفات الفيديو .

ويقول فؤاد إرجين، وهو واحد من المغنيين المشاركين في الأغنية: "لقد أصبح المشروع برمته لسان حال الناس في البلاد. سئم الناس هذا".

ويقول مغني الراب الذي يبلغ من العمر 46 عاما، إن زميله مغني الراب سانيزر طلب منه اختيار مشكلة يسلط الضوء عليها في الأغنية. واختار إرجين قضية البيئة .

ويصرخ إرجين في الأغنية: "الإنسان هو الطفيل الأكبر، فقط، انظر إلى الكوكب!"، حيث يشكو هو ومغنو الراب الآخرون من الجفاف والتلوث وتدمير كوكب الأرض.

ويقدم كل موسيقي شكوى تتعلق بموضوع مختلف، بما في ذلك المحسوبية والتغير المناخي وحقوق المرأة والتعليم والعدالة، وتركيزهم الرئيسي هو تركيا،ولكنن جميع هذه الموضوعات ذات نطاق عالمي.

ومن أكثر المشاهد قسوة في الفيديو، مشهد لزنزانة سجن: حيث يجلس المغني سانيزر على الأرض مع سجين آخر.

ويغني سانيزر على موسيقى الراب: "ماتت العدالة. التزمت الصمت وشاركت حتى وصل الأمر إلي. الآن أنا خائف جدا من إرسال تغريدة.

وصل بي الحال إلى الخوف من شرطة بلدي".

وينظر السجين الآخر إلى سانيزر، ويقول: "أنت من صنعت هذه الصورة المرعبة... العدالة التي كان من المفترض أن تحميك ستأتي وتطرق بابك، ستكسر الباب! أنت لم تقل كلمة، ويعني هذه أنك مذنب".

ويقول ليزل هنتز، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة "جونز هوبكنز"، والذي يُدرِّس السياسة وثقافة البوب في تركيا: "بقدر ما تمثل سوسامام اتهاما للنظام، هي أيضا اتهام للمواطنين الأتراك أنفسهم، باللامبالاة".

ورغم عدم إشارة أي من الموسيقيين بالاسم إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أو أي سياسي آخر، فإن الرسالة واضحة. ومن الاقتباسات الأكثر مشاركة من الأغنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي هو: "إذا ألقوا القبض عليك زورا في إحدى الليالي، لن يتمكن صحفي واحد من كتابة تقرير عن ذلك لأنهم جميعا محبوسون!".

أما الإشارة الأكثر وضوحا إلى أردوغان وحزبه "حزب العدالة والتنمية" الحاكم، فتأتي عندما يركز اثنان من المغنيين الراب تماما على المحسوبية.

وفي إشارة إلى القصر الرئاسي، يقول المغنيان: "المال أمر لابد منه، أو أن يكون لديك اتصالات أمر لا بد منه. وأن يكون الكبار لديهم رقمك أمر لا بد منه. وأن يكون لك شخص مطلع داخل أكساراي أمر لا بد منه".

ويعرب المغني سقراط ست عن خيبة أمله إزاء معدل البطالة في تركيا والذي وصل إلى 13%، رغم الأعداد الكبيرة من الشباب المتعلمين جيدا، حيث يقول:"لقد تخرجت. أنا أتألم بسبب النظام الذي وضعتموه. لقد تخرجت. سأكون صرافا أو الموظف الذي يستقبلك في السينما".

وتظهر المرأة الوحيدة المشاركة في الأغنية المصورة، وهي دنيز تيكين، وهي تجلس وحيدة تمسك بجيتارها فوق خشبة المسرح وتغني عن حقوق المرأة. 

وتقول تيكين: "لم أجبر أبدا على الزواج، ولم يكن هناك أي إساءة في منزلي، ولم يتم حبسي أبدا في غرفتي ، لم أحترق أبدا من الكراهية، ولم أتعرض للحرق مطلقا حتى الموت، لم يكن لدي إخوة أو أخوات، ولم أخف أبدا من أخي الأكبر، ولم يتم إخراجي أبدا من المدرسة، ولم أتعرض للقتل أبدا".

وبعد الجزء الخاص بتيكين، يعرض الفيديو قائمة بأسماء نساء تعرضن للقتل في تركيا.

ونشر مغني راب تركي آخر، وهو إيزيل، أغنيته المناهضة للحكومة في نفس اليوم الذي انطلقت فيه "سوسامام"- بمحض الصدفة، حسبما يقول الموسيقيون.

ويُظهر الفيديو الخاص بأغنيته "أولاي" صورا لوحشية الشرطة تجاه المحتجين، بما في ذلك مشاهد من احتجاجات متنزه جيزي في عام 2013 .

واندلعت الاحتجاجات قبل ست سنوات بسبب خطط الحكومة لتطوير المنطقة المحيطة بميدان تقسيم، بما في ذلك تدمير واحدة من آخر المساحات الخضراء في جيزي بارك، وسط اسطنبول.

وانتقدت صحيفة "يني شفق" الناطقة بلسان الحكومة، الموسيقيين بقسوة.ووصفت "سوسامام" بأنها "مشروع مشترك" للمنظمات الإرهابية.

وغرد حمزة داج، نائب أردوغان، على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي، أنه ينبغي عدم إساءة استغلال الفن من أجل "التلاعب السياسي".
ويقول الفنانون إن أغنيتهم تمثل وجهة نظرهم بشأن العالم والوضع فيتركيا.

لكن البعض يقول إنها لا تمثل فقط نقدا للحكومة، بل تنتقد أيضا لامبالاة الأتراك في ظل الحكومة. أما الرسالة الأساسية في الفيديو فهي:
"افعل شيئا ما".