تقرير دولي: ميليشيات إيران أخطر بكثير من الصواريخ الباليستية والبرنامج النووي

رغم تشعب القضايا والملفات التي يسلكها النظام الإيراني، والتي يأتي في مقدمتها البرنامج النووي والصواريخ، بجانب المليشيات الإرهابية وشبكتها المعقدة، لكن يبقى الملف الأخير هو الأهم بالنسبة لنظام الملالي، بحسب تقرير للمعهد الدولي للدراسات.

المقاومة الإيرانية كانت المنبع الأول

المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أصدرت تقريرًا تطابق مع تصريح مهم لمريم رجوي المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية، قبل 16 عاما وبعد احتلال العراق وتحديدا في ديسمبر 2003، حيث أكدت قائلة آنذاك: "إنّ خطر تدخلات النظام الإيراني في العراق هو أخطر مئة مرة من خطر النووي"، وهو ما يؤكد على تقرير المعهد الدولي.

المليشيات أكثر أهمية

أكد تقرير المعهد في دراسته حول نفوذ إيران الإقليمي، أن الميليشيات التي أنشأها الحرس الثوري في دول المنطقة تعتبر بالنسبة لإيران أهم من صواريخها الباليستية وبرنامجها النووي.

وقال المعهد، من مقره في لندن، إنه بالرغم من أن برامج طهران للصواريخ البالستية والبرنامج النووي أهم ملفين يستمر بسببهما التوتر بين إيران والولايات المتحدة والدول الإقليمية، لكن القضية الاستراتيجية الإيرانية الثالثة، وهي شبكات الميليشيات الإيرانية، تعد في الوقت الحاضر هي الأهم.

النظام الراعي الرسمي

وأشار المعهد إلى مصطلح "وكلاء" إيران التي تعتبر جماعات مسلحة إرهابية خارجة عن سيادة الدولة الوطنية، فيما تتبع في ولائها للولي الفقيه، مثل "حزب الله" في لبنان و"الحوثيين" في اليمن" و"الحشد الشعبي" في العراق، والتي يتم تمويلها وتدريبها وتسليحها وتوجيهها من قبل "الراعي" الرسمي للإرهاب والوكلاء، أي النظام الإيراني.

مصطلحات وهمية

وتوضح الدراسة أن طهران لم تبذل أي محاولة لإضفاء الطابع الرسمي على حالة أي من هذه العلاقات مع شبكة الوكلاء، حيث لا توجد مواثيق ومعاهدات ولا اتفاقات رسمية بشأن وضع هذه الجماعات التي تخاطبها بلغة دينية أو عاطفية ومصطلحات فضفاضة كـ "المقاومة"، و"الممانعة" الإيديولوجية والعسكرية والثقافية، ضد الهيمنة الغربية المتصورة و وجود إسرائيل، وفق أدبيات النظام الايراني.

المليشيات والعراق

ومع الغزو الأمريكي للعراق، قام النظام الإيراني بتنظيم الوكلاء العراقيين من أطياف المعارضة، الذين كانوا مقيمين في إيران وطوّرت أول ميليشيات أجنبية منذ إنشاء "حزب الله" اللبناني.

وتمكنت إيران من خلال هذه الميليشيات من ملء الفراغ عقب الانهيار السياسي في العراق، في ظل عدم وجود استراتيجية أميركية وغربية، لمنع التدخل الإيراني ما سمح لطهران بالتلاعب بالتطور السياسي لدولة عربية، انهارت لأول مرة منذ تجربة لبنان في الثمانينات.

الحفاظ على بشار من الانهيار

في عام 2011، جاء الوضع السوري، حيث قامت إيران بالوقوف بقوة مع حليفها الوحيد، بشار الأسد، واعتمدت أيضا على ميليشيات حزب الله اللبناني، للحفاظ عليه.

وأيضا في غياب أي جهد غربي لمنع تدخل إيران في سوريا خلال فترة الانخراط الدبلوماسي في المفاوضات النووية، استطاعت طهران تحقيق أهدافها الاستراتيجية وتكريس خطابها العقائدي، ومد نفوذها داخل الأراضي السورية.

الحوثي في اليمن

أما في اليمن، فتشير دراسة المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن السقوط غير المتوقع للعاصمة صنعاء بيد جماعة الحوثيين في سبتمبر 2014 أتاح لإيران فرصة لإلحاق الضرر بالسعودية والإمارات لأول مرة منذ الثورة عام 1979.

توسع النفوذ وغياب دولي

وبما أن إيران اعتادت غياب ردة الفعل الغربية على تدخلاتها، فقد اعتبرت النزاع اليمني فرصة لتوسيع نفوذ إيران إلى جنوب البحر الأحمر، وقامت بإرسال المستشارين والأموال وتكنولوجيا الصواريخ الباليستية المتقدمة والطائرات المسيرة والقوارب المتفجرة التي يتم التحكم فيها عن بُعد، بحسب الدراسة.

نشاط إرهابي كبير

ويؤكد المعهد البريطاني أنّ أي دولة لم تكن نشطة مثل إيران في النزاعات الإقليمية في العصر الحديث نظرًا لقائمة الإجراءات، التي اتخذتها إيران ضد الأهداف الإقليمية الكثيرة منها الهجمات السيبرانية، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية، وبطائرات بدون طيار على منشآت أرامكو النفطية في المملكة العربية السعودية واستهداف ميليشيات الحوثيين للسكان المدنيين.

وبالرغم من تعرض قوات الحرس الثوري وميليشياتها لمئات الغارات الجوية الإسرائيلية في سوريا، لا تزال إيران تحافظ على قوات برية صغيرة هناك.

إنفاق مليارات الدولارات

ويشير التقرير إلى أن إيران أنفقت 16 مليار دولار على تدخلاتها حيث ذهبت 700 مليون دولار منها سنويا إلى ميليشيات "حزب الله" لكنها تقلصت مؤخرا تحت ضغط العقوبات الأميركية، موضحاً أنّ التدخلات الإقليمية كلفت إيران مئات الأرواح في قواتها المسلحة وميليشياتها ومليارات الدولارات، في الوقت الذي تواجه فيه أيضًا ضغوطًا دولية غير مسبوقة وتزايد السخط الداخلي بسبب تدهور الاقتصاد والوضع المعيشي للمواطنين، الذين يواصلون احتجاجاتهم ضد النظام بطرق مختلفة.

الحفاظ على المكتسبات

كما استنتجت الدراسة أن الضغوط الأمريكية والعقوبات والاحتجاجات الأخيرة في العراق ولبنان المناهضة للتدخل الإيراني، لن تدفع النظام في طهران نحو تقليص نفوذه الإقليمي بل سيحاول الحفاظ على مكتسباته بكل الطرق.

تحديات كبيرة

وبالرغم من ذلك أوضحت الدراسة أيضا أن نفوذ إيران في العراق ولبنان يواجه تحديا كبيرا، بسبب اعتماده على جماعات لا تريد أن تحكم بشكل مباشر (مثل حزب الله في لبنان) أو غير كفؤة في إدارة الدولة (مثل الأحزاب الحاكمة في العراق).