ماذ يريد؟.. بعد العدوان على سوريا ومحاولته دخول السودان.. أردوغان ينوي إرسال عسكريين إلى ليبيا

يبدو أن أطماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتوسيع الإمبراطورية التركية على حد زعمه في مشروعه الذي قدمه للأتراك قبل وصوله إلى سدة الحكم، لن تقف إلى حد العدوان العسكري على سوريا ومحاولته السابقة دخول السودان في صفقة لوضع اليد على جزيرة سواكن تحت بند المشاريع الاقتصادية، لولا عزل الرئيس عمر البشير من الحكم الذي أوقف كل شيء.

أعلن الرئيس التركي أمام وسائل الإعلام اليوم الاثنين أن تركيا تنوي إرسال عسكريين إلى ليبيا، في تصعيد يراه مراقبون سياسيون وعسكريون خطيرا على المنطقة، وخاصة بعد عقده اتفاقية للتبادل العسكري والأمني مع حكومة فايز السراج في ليبيا، ما يؤجج الصراع الليبي.

من ناحية أخرى اعتبر مراقبون أن اتفاقية تركيا مع حكومة السراج محاولة لإشعال فتيل الأزمة مع دول الجوار الليبي، بعد إعلان تركيا أن اتفاقية ترسيم الحدود مع حكومة السراج تتيح لها بدء مشروعات التنقيب في البحر المتوسط مما يهدد سيادة اليونان وقبرص على مناطق استخراج في حدودها بالبحر المتوسط.

وأدان الجيش الليبي الوطني الاتفاق التركي مع حكومة السراج ووصفه بالباطل ويهدد بإشعال الأزمة في الداخل الليبي، وطالب مجلس الأمن بإدانة الاتفاقية والتدخل لإيقاف أطماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المنطقة.

وبدأت مصر ومعها اليونان وقبرص في تحركات، لمواجهة المحاولة التركية للتمدد في شرق البحر المتوسط اثر توقيع حكومة رجب طيب أردوغان ما أسمتها مذكرة تفاهم في المجال الأمني والبحري مع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس الليبية.

اعتبرت الدول الثلاث أن التحرك التركي غير شرعي ومخالف للقانون الدولي والقوانين المنظمة للحدود البحرية، حيث لا تفصل بين ليبيا وتركيا جزر يونانية بينها كبير الحجم مثل كريت.

ترى اليونان أن هذا التوقيع ما هو إلا خطوة جديدة في أحلام التوسع التركي والزعم بامتلاك حدود بحرية لا يمتلكها، بجانب إعاقة التعاون بين القاهرة وأثينا ونيقوسيا في موارد شرق المتوسط بمناطقهم الاقتصادية.

التقى وزيرا الخارجية المصري سامح شكري واليوناني نيكوس ديندياس في القاهرة، وناقشا تطورات توقيع مذكرتيّ التفاهم بين أنقرة والسراج، حيث توافق الوزيران على عدم شرعية توقيع "السراج" على مذكرات مع دول أخرى خارج إطار الصلاحيات المقررة في اتفاق الصخيرات.

من جانبها وصفت وزارة الخارجية الأمريكية الاتفاق الموقع بين تركيا ورئيس المجلس الانتقالي الليبي فايز السراج حول الحدود البحرية، بأنه "استفزازي".

وذكرت صحيفة "كاثيميريني" اليونانية، أن متحدث باسم الخارجية الأمريكية وصف الاتفاق في مؤتمر صحفي بأنه يزيد التوترات في المنطقة.

وأضاف أن الولايات المتحدة لا تتدخل بشكل عام في النزاعات حول الحدود البحرية في الدول الأخرى، لكنه طالب كل الأطراف "بالابتعاد عن التحركات التي تزيد التوتر في شرق المتوسط في هذا الوقت الحساس".

فيما طالبت اليونان الاتحاد الأوروبي باتخاذ الإجراءات اللازمة بعد توقيع تركيا مذكرتي تفاهم مع السراج، والتي تتعلق بالحدود البحرية بين أنقرة وطرابلس.

ونقلت وسائل إعلام محلية يونانية عن ديندياس، قوله إنه أطلع مسئولين بارزين بلجنة الشئون الخارجية بالاتحاد الأوروبي على مذكرتي التفاهم حول الحدود البحرية، وطالب التضامن الأوروبي في هذا الأمر.

وأضاف ديندياس "أطلعتهم على تفاصيل مكثفة وشرحت لهم تلك المذكرات، موضحا أنه انتهاك ليس لمصالح اليونان فقط بل لدول أخرى أيضًا".

كما شدد شكري على أن مذكرتي التفاهم بين السراج وتركيا من شأنهما تعميق الخلاف بين الليبيين ومن ثم تعطيل العملية السياسية وذلك في وقت بدأ يتشكل توافق دولي حول كيفية مساعدة الشعب هناك على الخروج من الأزمة الحالية.

جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه شكري مع المبعوث الأممي لليبيا الدكتور غسان سلامة، حيث أكد خلاله على أهمية الحيلولة دون إعاقة العملية السياسية في المرحلة القادمة بأي شكل من الأشكال من قبل أطراف على الساحة الليبية أو خارجها..مشيرا في الوقت ذاته إلى دعم مصر الكامل لسلامة في مهمته والحرص على نجاحها.

ماذا يريد أردوغان من ليبيا؟

قد يفهم البعض دوافع تركيا للتدخل في سوريا أو العراق، فهناك حدود تجمعها مع البلدين، وأزمات طاحنة تدور فيهما، قد تشكل ذريعة للتدخل العسكري، ولكن ماذا بشأن ليبيا؟، البعيدة آلاف الكيلومترات عن الأراضي التركية، والتي تعاني أصلا من مشكلات تمزقها.

وعلى مدار شهور كان الجيش الوطني الليبي أعلن أنه تم استهداف طائرات مسيرة تركية في طرابلس، كانت تستعد لتنفيذ غارات على مواقع تابعة له.

وقال المتحدث باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، إن الجيش يخوض "معركة حقيقية مع تركيا على الأرض"، مؤكدا أنها "تقاتل منذ عام 2014 مع الجماعات الإرهابية في بنغازي ودرنة وغيرها من المدن".

وانكشفت التدخلات التركية في لبيبا شيئا فشيئا، إذ تم ضبط شحنات أسلحة تركية محملة على متن سفن، كان آخرها السفينة التي تحمل اسم "أمازون"، والتي خرجت من ميناء سامسون في التاسع من مايو الماضي، محملة بآليات عسكرية وأسلحة متنوعة، قبل أن تصل إلى ميناء طرابلس.

وجاءت هذه الشحنة من السلاح، بعد أيام من موقف مثير للجدل أطلقه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عقب بدء عمليات الجيش الوطني الليبي العسكرية لتحرير طرابلس من قبضة الجماعات الإرهابية، ليعلن الرجل صراحة دعم بلاده لحكومة فايز السراج، وتدخله لصالح الأخير.