ترامب يستعد لتبرئته في محاكمة العزل غداة خطاب رسخ الانقسام في البلاد

غداة خطابه حول حال الاتحاد أمام كونغرس منقسم، يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، لتبرئته المرتقبة أمام مجلس الشيوخ ليختتم بذلك فصل إجراءات عزله الذي أثار انقساما في الولايات المتحدة لكنه لم يؤثر بأي شكل على رأي قاعدته الناخبة.

وإذا كان اتهامه في مجلس النواب بتهمة استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس سيبقى وصمة على ولايته، إلا أن نهاية هذا الفصل التي ستأتي لصالحه كما هو متوقع تؤكد إلى أي مدى يمكنه الاعتماد على حزب جمهوري متماسك ما يشكل ورقة مهمة في يده قبل تسعة أشهر من خوضه الانتخابات سعيا لولاية ثانية.

ولن يسود الترقب لأن دستور الولايات المتحدة يفرض غالبية الثلثين (67 من أصل 100 عضو في مجلس الشيوخ) لكي يمكن إدانة الرئيس الذي سيعتمد على دعم لا لبس فيه يتمثل بأصوات 52 من 53 سناتورا جمهوريا على الأقل.

ويطالب الديموقراطيون بعزل الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة لأنه حاول إرغام أوكرانيا على التحقيق بشأن خصمه المحتمل في الانتخابات الرئاسية جو بايدن وخصوصا عبر تجميد مساعدة عسكرية مهمة لهذا البلد الذي يشهد حربا.

ويقول الرئيس الأمريكي الذي وجه إليه الاتهام في منتصف ديسمبر من قبل مجلس النواب الذي يهيمن عليه الديموقراطيون إنه ضحية حملة نظمها معارضوه لم يتقبلوا فوزه المفاجئ في انتخابات 2016.

ويبدو أن استراتيجيته هذه أعطت ثمارها على الأقل جزئيا.

فدونالد ترامب يشهد فترة جيّدة عمومًا، حيث أظهر أحدث استطلاع للرأي أعدّه معهد غالوب ونُشر قبل ساعات من خطاب حال الاتّحاد أنّ ترامب نال نسبة 49% من التأييد وهو أعلى مستوى يُسجّله منذ وصوله إلى السلطة في يناير 2017.

وما يزيد من الظروف المواتية للرئيس، هي الانتخابات التمهيديّة للحزب الديموقراطي المنافس التي انطلقت في ولاية أيوا وانتهت بفشل مدوّ أتاح له البقاء تحت الأضواء في مركز اللعبة السياسيّة، وهو الموقع المفضّل لديه.

ومساء الثلاثاء أشاد الرئيس في خطابه حول حال الاتحاد أمام الكونغرس بادائه "الهائل" مؤكدا أنّه "وفى" بالوعود التي قطعها.

وحتّى قبل بدء إلقاء خطاب حال الاتّحاد التقليدي، كان الانقسام الذي يسود الطبقة السياسيّة في البلاد واضحًا.

فقد تجنّب ترامب مصافحة رئيسة مجلس النوّاب الديموقراطيّة نانسي بيلوسي التي قامت بدورها بتمزيق خطاب الرئيس الأميركي ما إن انتهى من إلقائه.

وقال ترامب في خطابه "خلافا لكثيرين قبلي، أنا وفيت بوعودي" فيما كان الجمهوريون يقاطعونه تكرارا بالتصفيق والوقوف مرددين "الولايات المتحدة، الولايات المتحدة"، في المقابل كان الديموقراطيون المعارضون يجلسون صامتين.

في القاعة نفسها حيث تمّ اتّهامه باستغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، شدّد ترامب في خطابه على "العودة الكبرى لأمريكا".

وتطرق ترامب الى كل مواضيع حملته الانتخابية المقبلة استعدادا للاقتراع الرئاسي في 3 نوفمبر: "الجدار" الهادف لوقف الهجرة من المكسيك وعزمه منع الإجهاض "في مراحل متقدمة" من الحمل، والاتهامات ضد المرشحين الديموقراطيين الذين يدعون بحسب قوله الى "هيمنة اشتراكية على نظامنا الصحي".

لكنه شدد بشكل كبير على "النجاح الاقتصادي الكبير" للولايات المتحدة، قائلا: "لقد نجحت استراتيجيتنا" في معرض إشارته إلى اتفاقاته التجاريّة الأخيرة مع الصين وكندا والمكسيك.

كذلك، دافع الرئيس الأمريكي في خطابه عن سياسته الخارجيّة، ودعمِه للمعارض الفنزويلي خوان غوايدو الذي تعترف به الولايات المتحدة وأكثر من خمسين دولة به رئيسًا موقّتًا لفنزويلا.

وقال ترامب أمام الكونغرس الأمريكي إنّ "طغيان" الرئيس الفنزويلي الاشتراكي نيكولاس مادورو سيتمّ "تحطيمه". واعتبر أنّ "مادورو زعيم غير شرعي، طاغية يُعامل شعبه بوحشيّة"، مشدّدًا على أنّ "قبضة" مادورو "سيتمّ تحطيمها وتدميرها".

وكان غوايدو حاضرًا الثلاثاء خلال إلقاء ترامب خطابه، بحسب صحافيّين في وكالة فرانس برس.

وأكّد البيت الأبيض في بيان أنّ غوايدو، هو من بين "ضيوف الشرف" الذين تمّت دعوتهم لحضور هذا الخطاب الرئاسي التقليدي.

ولم يُركّز خطاب ترامب كثيرا على السياسة الخارجية، ولم يأت على ذكر كوريا الشمالية.
وتطرّق ترامب بشكل سريع في خطابه إلى مواجهته مع إيران وخطّته للسلام في الشرق الأوسط، مؤكّدًا من جهة ثانية عزمه على "إعادة" الجنود الأمريكيّين من أفغانستان.

وفي ما يتعلق بإيران، ركّز ترامب على حملته للضغط على النظام الإيراني وعلى الضربة التي أمر بشنّها الشهر الماضي وأدّت إلى مقتل قاسم سليماني.

وقال الرئيس الأمريكي "بسبب العقوبات القوية التي فرضناها، فإن أداء الاقتصاد الإيراني سيّئ للغاية".

وقال ترامب أيضا إنه "في أفغانستان، مكّننا تصميم مقاتلينا.. من إحراز تقدّم هائل، وهناك محادثات سلام جارية"، مبديًا من جديد رغبته في "إنهاء أطول حرب أميركيّة وإعادة قوّاتنا إلى الوطن".

لم يتطرق الرئيس الأمريكي إلى محاكمته أمام مجلس الشيوخ كما فعل سلفه الديموقراطي بيل كلينتون في خطابه السنوي الكبير عام 1999.

لكن ظل هذه المحاكمة كان يخيم بشكل كبير على الكونغرس حيث بدت القطيعة نهائية بين مؤيدي ترامب والديموقراطيين، وامتنع نواب المعارضة عن التصفيق لترامب.

وكانت ألكسندريا أوكاسيو-كورتيز الشخصية الصاعدة في يسار الديمقراطيين، بين النواب الذين قاطعوا هذا الخطاب السنوي قائلة إنها لا تريد "إضفاء شرعية" على رئيس لا يحترم بحد قولها القوانين ولا الدستور. وندد آخرون بما وصفوه بأنه "أكاذيب" في خطابه.