إفشال مخططات قطرية لإعادة تدوير الأخوان المسلمين في السودان

تشكل الأذرع السياسية لنظام الرئيس المخلوع البشير، إحدى الأدوات الرئيسية للتدخل القطري في السودان، بعد تنظيم مسيرات معارضة للسلطة الانتقالية تحت مسمى "الزحف الأخضر".

وتنبهت جهات حكومية قبل أيام لخطورة تحركات بعض الشخصيات والقوى الإسلامية في الوقت الذي تتزايد فيه التحديات الداخلية والخارجية، وأصدرت، اللجنة المكلفة بالتحقيق في بلاغ الانقلاب العسكري على السلطة قبل ثلاثة عقود، يوم الثلاثاء الماضي، أوامر بالقبض على مجموعة جديدة من الذين شاركوا في انقلاب البشير، كما ذكر تقرير لصحيفة العرب اللندنية، اليوم الجمعة.

وحسب التقرير، طالت الأوامر عدداً من السياسيين المعروفين بميولهم الإسلامية وقربهم من قطر، على رأسهم غازي صلاح الدين العتباني، رئيس حزب الإصلاح الآن، وزعيم "الجبهة الوطنية"، ومعه كل من علي كرتي، وإبراهيم غندور، وصديق فضل، والصافي نورالدين، وعمر سليمان، وعبدالمنعم محمد الزين، والهادي عبدالله، ومهدي إبراهيم، وتاج سر مصطفى، ومصطفى عثمان إسماعيل.

جاءت هذه الخطوة بعد معلومات عن سعي عدد من القيادات لإعادة إنتاج بعض الأحزاب، وتشكيل تنظيمات بمسميات قابلة للتأقلم مع الحياة السياسية الجديدة، واستيعاب القوى المحسوبة على الحركة الإسلامية بسهولة.

وقبل ذلك، اتخذت السلطات في السودان في المرحلة الانتقالية وما بعدها، إجراءات صارمة ضد الإخوان، ممثلة في اجتثاث آلاف العناصر الإخوانية التي كانت تسيطر على المؤسسات التعليمية، والأمنية، والاقتصادية، في نظام عمر البشير، جعلت التنظيم في حالة تأهب لرصد أي تحركات للسلطات من الممكن أن يستغلها في الانتقام في محاولة لاستعطاف الرأي العام.

وبدأت الدوحة تعمل على تنفيذ فكرة الأحزاب الموجهة منذ إسقاط نظام البشير، وفقدان حزب المؤتمر الوطني الحاكم، والأحزاب القريبة منه الكثير من مقومات الاستمرار، وتصاعد حدة العداء الشعبي، على أمل الصبر قليلاً لتتمكن من العودة إلى السلطة من الباب الديمقراطي، بعد الاستحقاقات الانتخابية المنتظرة.

ولم تتحمل قوى الحرية والتغيير التي قادت الحراك الثوري، والتي تمثل ظهيراً شعبياً للحكومة الحالية، الصمت كثيراً على حيل وألاعيب "لوبي قطر" أو "جماعة قطر في السودان"، وعقدت اجتماعاً، الثلاثاء، مع حمدوك بحضور عدد من الوزراء لمناقشة التعامل مع تنامي حضور الكيانات المحسوبة على نظام البشير.

وقالت قيادات في تحالف الحرية والتغيير، حضرت لقاء الثلاثاء مع حمدوك، في تصريجات للصحيفة، إن الاجتماع ناقش باستفاضة دوافع رئيس الحكومة لتليين موقفه من شخصيات إسلامية، وعقد لقاء مع ممثلين لحزب المؤتمر الشعبي الذي أسسه الراحل حسن الترابي، ومع غازي صلاح الدين في الأسبوع الماضي، بعيداً عن التنسيق مع التحالف، وجاء الرد بأن تلك الحوارات لا قيمة لها ولن تغير الموقف الرافض لقوى الثورة المضادة.

وأوضحت المصادر أن قيادات الحرية والتغيير توصلت إلى اتفاق مع رئيس الحكومة يقضي بفتح مسارات جديدة للتواصل مع القوى الوطنية التي لم تتلوث بالفساد، والاتفاق على تسريع إدماج مؤسسات الحكم المدني في السلطة عبر تعيين المجلس التشريعي، والحصول على موافقة البرلمان أولاً قبل أي خطوة ترتبط بالتعامل مع فلول النظام البائد، في إشارة إلى تضييق مساحة المناورة على الحركة الإسلامية التي تريد توظيف تساهل الحكومة.

ويرى مراقبون، حسب الصحيفة، أن تسريع الإجراءات القضائية يقطع الحبل السري بين هذه الشخصيات والنظام القطري الذي يحاول تمويل بعض الكيانات السياسية لتقويض السلطة الانتقالية.

وفي ذات السياق، أكد الباحث في الشؤون الأفريقية، حمدي عبدالرحمن، في تصريح للصحيفة، أن قطر لجأت إلى طرق غير مباشرة لإعادة إنتاج نظام الإخوان مرة أخرى، بتوظيف أدواتها المحلية لتعطيل السلطة الانتقالية وإفشالها، بشكل يدفع إلى انقلاب عسكري واستعادة حكم الإخوان.

ألاعيب الدوحة
وأضاف عبدالرحمن أن محاولات الدوحة الأخيرة ظهرت من خلال التعاون مع إسلاميين انشقوا عن البشير في أواخر سنوات حكمه، مثل غازي صلاح الدين، ما يدعم الربط بين تمرد جهاز المخابرات العامة ومسيرات "الزحف الأخضر" التي تتمسك بـ"الشريعة الإسلامية" ووقفت خلفها قيادات من حزب المؤتمر الوطني المنحل.

وأوضح عبدالرحمن، أن قطر تستخدم دعاية موجهة عبر أدواتها الإعلامية لخلق شعور معادٍ لمعسكر الاعتدال العربي، المكون من مصر، والسعودية، والإمارات، والبحرين، وتأليب الرأي العام على الحكومة، واتهامها بالانحراف عن مسار الثورة.

من جهة أخرى، اتهمت مصادر سودانية، كوادر محسوبة على نظام البشير في مناطق بعيدة، حصلت سابقاً على تمويلات قطرية عبر مكتب سلام دارفور قبل إغلاقه لإشعال الوضع مجدداً، مرجحة أن تضم جهات التحقيق في المستقبل الشخصيات التي ترأست هذا المكتب أثناء حكم البشير، وجميعها على علاقة بقطر، وفقاً للصحيفة.