المشاهير وصناعة النماذج

المراقب للأحداث والمحطات عبر عصور التاريخ يتيقن تماماً أن "الأزمات تُظهر حقيقة المعادن"، وهذه المعادلة صالحة لكل زمان ومكان، وعند توظيفها تحصل النتائج.
وأزمة كورونا ستُصنف عالمياً بـ"أم الأزمات"، وأهم أحداث القرن الحالي.. وبعيداً عن الفايروس نفسه فإن شعوب العالم خرجت بأحكام عدة وانطباعات مختلفة، ومحلياً أثارت الأزمة نقاشاً "بيزنطياً" وجدلاً بلا طعم أو رائحة بين بعض مشاهير مواقع التواصل اللذين يقتاتون على الإعلان، وبعض الإعلاميين اللذين تحركهم غيرة الظهور والمكاسب الزائفة ، وبالتأكيد سيتضح لنا أخيراً أن جدلهم فارغ تماماً من كل شيء ، وبوادر ذلك اتضحت مع أول فتيل.
ومن رحم الأزمات يولد "الأبطال"، وتتشكل الوجوه المشرقة، ومن حسنات "كورونا" أنها أبرزت لنا نموذجاً "فاخراً" نفخر به ، سطع نجمه بسرعة، بسبب امتلاكه لأدوات ربما هي مانحتاجها أن تتوفر فعلاً لدى الفريقين أعلاه.
النموذج المشرق الذي لمع وتلألأ لم نكن نعرفه كسعوديين من قبل، وكأنه حضر في الوقت المناسب رحمةً بنا وهو الدكتور محمد بن خالد العبدالعالي المتحدث الرسمي لوزارة الصحة ومساعد وزير الصحة حالياً، حيث كان على مدى الأيام الماضية وحتى هذا اليوم يظهر ويطمئن ويلح ويطلب ويتوسل.
يمتلك المتحدث "الرزين" لغة رصينة، وهدوء حكيم، ورسالة واعية تحمل تأثير ذكي.
عندما يقول "العبدالعالي" عبر شاشات الأخبار: "أنا لا أتحدث اليوم كمتحدث رسمي لوزارة الصحة، ولا عن مجموعة من جهات معنية اليوم تجتمع بشكل مستمر ودائماً ..كطبيب كأخ كأبن كأب للجميع كصديق ابقوا في منازلكم أكبر قدر ممكن وابتعدوا عن مخاطر التجمعات... الخ".
فإن هذه الجملة العظيمة وما يصاحبها من لغة جسد بمشاعر وطنية يحكيها بـ"إيماءات" مليئة باللطافة والمحبة، ستصل إلى القلوب قبل أن يلهج بها لسانه عبر أثير الهواء.
هذه هي الرسالة السامية، وهذا هو النموذج الذي نحتاجه؛ فاليوم نحن بحاجه لصناعة نماذج تحكي عنّا ولنا برصانه وتتصدر المشهد بحكمه ووعي.

وأعتقد أن كثيرا مثلي سئموا من النقاش "البيزنطي" بين بعض المشاهير وبعض الإعلاميين.. فالوطن اليوم يحتاجنا جميعاً، كلاً من منصته وبأدواته.. وصاحب الكلمة الصادقة ستصل كلمته وسيؤثر.