الفيروس الحوثي

المملكة تتعامل مع الحوثي، كفيروس متناهي الصغر، في الجسد اليمني. وكطرف متابع ومهتم تدرك المملكة معنى الحرارة، التي يرفعها في صدر اليمن. وتعلم المملكة، أن المضادات لهذا الفيروس الفارسي الهوى، قد تكون له أضرار جانبية عديدة على المواطن اليمني البسيط. لهذا لجأت المملكة إلى عزله عن بقية التراب اليمني؛ والتعامل معه، بوصفة علاجية خاصة، تجمع بين خبرة الجراح، وحكمة القائد، وحلم الأخ الكبير لليمن.

صواريخ الحوثي، التي يطلقها بأوامر عابرة للبحار، لا تشكل في حد ذاتها تهديداً على المملكة؛ إنما تؤكد هذه الصواريخ، من جديد، أن الحوثي لايريد السلام؛ وأنه يتجه للحرب بدون استراتيجية سياسية. وينفذ فقط مايمليه عليه "حرس الثور الإيراني".

الوضع في اليمن معقّد من الناحية السياسية، حيث تتنازع قراره قوى محلية متشتتة؛ تجد لها دعما من دول متناحرة؛ والمملكة لاترغب في فرض الحلول السياسية على القوى المتنازعة هناك، بل مازالت تترك الخيار لليمنيين، ليصلوا بأنفسهم إلى تسوية ترضي جميع الأطراف. هذا الخلاف الداخلي في اليمن هو المستنقع، الذي يعيش على اطرافه الحوثيون اليوم. والجميع يدرك أن إخراج الحوثي من صنعاء لا يحتاج، إلا إلى ساعات فقط، لكن إخراج الخلاف من قلوب اليمنيين، هو الذي يحتاج إلى الكثير من الصبر والوقت.
ومن أقصى الحُلم إلى أقصى الحِلم، تضع المملكة كل إمكانياتها لمساعدة اليمن واليمنيين. ولم تبخل بشيء، بل هي رغم الأحداث، تقدم الكثير من المساعدات الإنسانية، وترعى التعليم والصحة.
المملكة فقط لا ترغب في الدخول في المستنقع السياسي اليمني، وقد حسمت خياراتها مسبقاً في حماية وحدة اليمن، والحفاظ على شرعية حكومته، وتقديم الدعم العسكري والاقتصادي، حتى ينهض بنفسه. وهي القضايا الرئيسية، التي تمس بشكل مباشر هوية اليمن، وكيانه.

وفي ظل العبث الحوثي بمقدرات اليمن، وبمستقبله وبأمنه، وفي تفضيله للحرب، على السلام، وإطلاق الصواريخ البالية، في حين أن العالم يتفق على مكافحة (كورونا)، فإن الحوثي يؤكد أمام الشاشات، أنه فيروس آخر، يجب عزله، والقضاء عليه.

الحوثي اليوم يدرك أن حالة الضعف الاقتصادي الذي تمر به إيران، ودول أخرى تدعمه بخفاء، واستحياء، و(لعانة)، تنعكس عليه سلبا. ومع الوقت سيفقد الحوثي قواه، في الداخل والخارج.

المملكة تعلم أن المسألة هنا لا تحتاج إلى قوة عسكرية، وعتاد حربي، بقدر ما تحتاج إلى قوة الحكمة والتروي. وهنا نجد أن طول البال السعودي، يقتل الحوثي، ومن وراءه؛ ولهذا يبادرون في اطلاق الصواريخ، لكي يبقوا على السطح، قبل أن يغرقوا في أزمتهم الخانقة.

القضاء على الحوثي لا يتطلب سوى تجفيف المنابع الداعمة له، وتطبيق الحجر السياسي والاقتصادي، ليموت في جحور جبال صعده.

والعالم بات يقدّر ادوار المملكة، ويتفهم صبرها، ويشكرها على حكمتها، بالتعامل مع هذا الفيروس الفارسي، المنتشر في صدر اليمن.