العوامل المؤثرة في الإنتاج الغذائي

تصنيع الأغذية عنصر مهم في إنتاج الغذاء ولكنه لا يمثل سوى جزءٍ واحدٍ من شبكة معقدة من الأنشطة التي يتكون منها نظام الغذاء العالمي، والذي يمر بمراحل عديدة كالزراعة، و الحصاد، والمعالجة أو التصنيع، والتعبئة، والتغليف، والنقل، والتسويق، وصولًا إلى الاستهلاك.

وإن رحلة الغذاء من المزرعة إلى المائدة تتسم بالاتزان بين العرض والطلب عبر ثلاثة عوامل جغرافية بيئيّة واقتصادية وديموغرافية (تتعلق بالناس). وإن جميع هذه العوامل بدورها تتأثر بمجموعة واسعة من المؤثرات الاجتماعية والثقافية.

كما تعكس رحلة المنتَج من المزارعين إلى المستهلكين مدى تعقيد واتساع هذا النظام، مما يدل على أنها ليست رحلة سهلة واضحة. ومما يُظهر صعوبتها كونها مرتبطةً بالعديد من العوامل الجيوسياسية،والاقتصادية والديموغرافية،والبيئية، والسياسية، والتي تؤثر على عملية الإنتاج بأكملها.

وتعد الأرض المخصصة للزراعة واحدة من أهم عوامل النشاط الزراعي لأنها المكان المخصص لتربية الحيوانات وإنتاج المحاصيل، والارض في علاقة تبادلية مع تغير المناخ حيث يتم تحديد صلاحية استخدام الأراضي من خلال مناخ المكان الذي يؤثر على طول وجودة الموسم الزراعي ويمكن أن يؤدي الى ارتفاع حدة الجفاف أو الفيضانات أو الحرائق. وبالمقابل فمن الممكن أن يتأثر المناخ بكيفية استخدام الأرض لإنتاج الغذاء .

وعلى سبيل المثال فإن الإفراط في استخدام المغذيات الزراعية الصناعية كالأسمدة وغيرها يؤدي إلى تكوين الأمطار الحمضية، ومما يؤثر أيضًا في الإنتاج الغذائي فقدان التنوع البيولوجي، وتآكل التربة واستنزاف الموارد الأخرى بشكل كبير كالمغذيات الطبيعية، وتآكل مساحة الأرض، والطاقة، والمياه.

كما تؤثر النظم والاقتصاديات الزراعية المختلفة في طريقة الإنتاج الزراعي للغذاء سواء كانت نباتية أو حيوانية. و تتأثر هذه النظم والاقتصاديات بالتقدم العلمي والتكنولوجي الذي يتأثر بالتغيرات الاجتماعية الثقافية و العلاقات الجيوسياسية- كما حدث بين أمريكا والعراق في التسعينيات بما يسمى النفط مقابل الغذاء.

وتلعب صناعة الأغذية أيضًا دورًا بارزًا في الرحلة من المزرعة إلى المائدة حيث تشارك في الإنتاج والمعالجة والتصنيع ونقل الإمدادات لتغذي سكان العالم وكذلك إدارة هدر الغذاء . ولا يخفى تأثير العوامل الاجتماعية-الثقافية،كإدارة الاقتصاد، والاستدامة، واستقرار الدول والأمن الغذائي (توفر الغذاء) على كيفية إنتاج الغذاء لتلبية الطلب المتزايد الذي يكون عادةً موجهًا بالقيم والمعارف والتفضيلات المختلفة لقاعدة منوعة من المستهلكين.

ونظرًا لوجود درجة كبيرة من الترابط بين جميع العوامل المختلفة التي تشكل النظام الغذائي فإن كل عامل من هذه العوامل يمكن أن يؤثر على العوامل الأخرى بطريقة تكافلية. وهذا يعني أن اختلال شيء واحد، قد يؤدي إلى اختلال النظام بأكمله.

وبالإضافة إلى ما سبق فإن هناك العديد من العوامل الخارجية المؤثرة بما في ذلك: تطوير تقنيات جديدة لمنتجات جديدة تتطلب مدخلات مختلفة، وكذلك تغير أنماط الطقس كالجفاف فإنه يؤثر على المدخلات، وأيضا تغيير السياسات الحكومية كتعديل مواصفات المنتج مما يتطلب مدخلات مختلفة إضافةً إلى تطوير أو إنتاج منتجات جديدة بموصفات جديدة لتلبية احتياجات محددة.

وإذا نظرنا إلى عنصرٍ واحدٍ من عناصر الشبكة الغذائية فقط - مثل إنتاج الغذاء - فيمكننا أن نرى أنه يتأثر بالتمويل والحوكمة والمتطلبات التنظيمية والمناخ والتكنولوجيا ونقص الأراضي والمياه وحدود الإنتاج والآفات والأمراض والمعرفة الزراعية والتلوث والتنوع البيولوجي، وكل هذه المؤثرات _ على سبيل التمثيل لا الحصر_ متداخلة مما يؤثر على كيفية إنتاج الغذاء.

وقد تؤثر هذه التغيرات على مستوى سلامة الغذاء وقد تؤدي إلى نقص أو فائض في بلدان مختلفة، فعلى سبيل المثال، يمكن أن تؤدي مسألة سياسية مثل تعطيل التجارة الدولية إلى إبطاء نقل الأغذية بشكل كافٍ لوقف سلاسل الإمدادات وربما تسبب نقصًا في الغذاء. وقد تؤثر أزمة صحية عالمية مثل انتشار وباء فيروس كورونا على رحلة المنتجات الغذائية، ومثل هذا العامل لم يؤخذ في الاعتبار بالسابق ولكن يمكن اعتباره طارئًا ومؤقتًا.

ونخلص مما سبق أن سلسلة الإنتاج الغذائي تتضمن كثيرا من العناصر والمراحل والعوامل التي يؤثر كل منها في الإنتاج الغذائي وكذلك يتأثر كل عنصر منها بالعديد من العوامل الداخلية والخارجية مما يؤكد على أنها منظومة متكاملة و متداخلة يجب الاهتمام بكل عناصرها وجزئياتها للوصول إلى غذاء آمن وسليم وذو جودة عالية وصحي للمستهلك.