الـ”مسمومة لحومهم”!

في السنوات الأخيرة ارتفع الوعي لدى المتلقي السعودي، وتوسعت مدارك الرؤية لديه، ولم يعد مجرد متابع عادي، بعد إن كان في السابق يشاهد فقط أعمال محددة يجبر على متابعتها وليس له خيار في ذلك.

اليوم أصبح الكثير من السعوديين يطالعون ويتابعون الأعمال والمسلسلات الأجنبية كالإيطالية والألمانية وحتى اليابانية، وكل منهم له ذائقته الخاصة، وتجدهم في مجالسهم وحواراتهم ونقاشاتهم في "تويتر"، خصوصاً فئة الشباب، عن حلقة من مسلسل ozark، ومدى قوة هذا الموسم عن سابقه.

هذه المقدمة أعلاه مدخل لي بأن أقول بصوت مرتفع جدا لكافة المنتجين السعوديين والممثلين: المتلقي السعودي اليوم مختلف تماما عن ذلك المشاهد البسيط الذي يفرح حتى بالإعلانات التجارية، فعندما يأتي الممثل (س) بشخصية السعودي (الذي يهز رأسه) طيلة المشهد ومنذ سنوات وحتى الآن يصّر بأنه كوميدي وساخر، فهو حتماً مخطئ.

اعتقد حان الوقت لصناعة دراما وأعمال إنتاجية تحاكي نجاحات الآخرين، فتلك الدراما السورية التي تؤصل فكرة الرجل السوري (الأبضاي) والدراما التركية التي ترسم صورة ذهنية معينة تريد إيصالها، والكثير من الأمثلة الأخرى، ونحن ما زلنا في الدراما السعودية والإنتاج السعودي بشكل عام، ندور في دائرة (المطوع) والقصيمي والجنوبي والنجدي.. إلخ.

أعتقد أنه حان وقت النهوض بأعمال تحكينا تتحدث عنّا وعن ثقافاتنا المتنوعة.. تصدّر تميزنا.. تعكس صورة الحياة النابضة في مجتمعنا الجديد، بنقل واقعي ومدروس يحاكي ما نشاهده من إنتاج في الأعمال الأخرى.

ولكي لا يُفهم من كلامي بأنه تعميم، ولأني مؤمن بالدماء الشابة، متى ما وجدت الفرصة الكاملة؛ هناك عمل سعودي اسمه "أم القلايد"، من 13 فقط، أراه تجربة رائعة جداً وجميع الأسماء التي ظهرت به كانت تجتهد لصناعة عمل مختلف.

وبمجرد دخولك على هاشتاق #أم_القلايد ستعرف رأي الناس حوله، المسألة ليست معقدة وصعبة، هي فقط دماء شابة ومساحة عمل، وفرصة كاملة، عندها حتما ستحصل على محتوى راق "كامل الدسم"/ وبالتالي إرضاء المشاهد "الناقد" بذائقته العالية التي تتفوق في الغالب على فريق العمل و"المهرجين".

صوت النقد مرتفع خلال هذه الأيام لعدد من الأعمال الرمضانية وهو حتما حق مشروع، ولكن الغريب تلك الأصوات التي تداعت بعدم النقد لذلك العمل وفنانه الذي أمضى سنوات ينتج فيها أعمالاً ويجابه تياراً، أصوات تدعوا إلى نوع من التقديس لذلك الفنان بزعمهم أنه فوق النقد، وممنوع الإقتراب منه سوى بالمديح ، حتى خُيِّل إلي أن بعضهم لو (تحمس) قليلاً سيقول : ذاك الممثل لحمه مسموم!.