عبدالرحمن السدر: رمضان شهر الصبر والصلة والإحسان

قال الكاتب عبدالرحمن السدر، إن شهر رمضان شهر الصبر، بل هو مدرسة الصبر، فالصبر مثل اسمه مر مذاقه لكن عواقبه أحلى من العسل, وهو حبس النفس عن السخط والجزع، وهو بلا شك من الأخلاق الرفيعة التي حث الدين عليها بل وأمر بها فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)، وقال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).

وأضاف "السدر"، في تصريحات صحفية، أنه لهذا وَرَدَ عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه سمى شهر رمضان شهر الصبر، وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم، قال: (والصّومُ نضف الصّبر)، خرجه الترمذي.

وأوضح: الصبر ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة، وتجتمع الثلاثة كلها في الصوم؛ فإن فيه صبراً على طاعة الله، وصبراً عمّا حَرَّمَ الله على الصّائم من الشهوات، وصبراً على ما يحصّل للصّائم فيه من ألم الجوع والعطش، وضعف النفس والبدَنِ.

وبين أن هذا الألم الناشئ من أعمال الطاعات يُثاب عليه صاحبه، كما قال الله تعالى في المجاهدين: (ذَلِك بأَنَّهُمْ لا يُصيبُهُم ظَمّاً ولا نَصَب ولا مَخمَصَةً في سبيل الله وَلَا يَطُؤونَ مَوَطئاً يَغيظ الكفّار ولا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوّ نَيْلاً إلا كُتِبَ لَهُم به عَمَلَ صَالحَ إنّ الله لا يُضيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ)، وفي حديث سلمانَ المرفوع الذي أخرجه ابن خزيمة في صحيحه في فضل شهر رمضانَ (وهو شهر الصّبر، والصّبر ثوابه الجنة)، وفي الطبراني، عن ابن عُمَر مرفوعاً: (الصّيام للهِ لا يَعْلَمُ ثواب عمله إلا الله عزّ وجلّ). ورُوي مرسلاً وهو أصح. لطائف المعارف، لابن رجب رحمه الله، صفحة رقم (284).

واستطرد: صيامنا في رمضان طاعة لله، وقربة لـه سبحانه وتعالى، وكذلك حبس لأنفسنا عن الطعام والشراب والجماع، فهو حبس للنفس عن معصية الله. مبينا أن رمضان فرصة للتزود من أعمال الخير، والبر، والصدقة، والإحسان، وتفقد الفقراء، والمساكين، والأيتام، فهو شهر رحمة وتقرب لله بأنواع الطاعات والقربات.

وأشار إلى قول الله - عز وجل - واصفاً حال المؤمنين: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)، وقال تعالى: (وتعانوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ).

كما أشار إلى تشديد النبي صلى الله عليه وسلم في عقوبة قاطع الأرحام: (لا يدخل الجنة قاطع رحم). أخرجه مسلم برقم الحديث 2556، صفحة رقم (1033).

وواصل: قطعية الرحم من أعظم الذنوب وأفظع الخطايا, وعكسها صلة الرحم فهي من أحسن الحسنات، ومن أكبر الأعمال الصالحات، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليس الواصل بالمكافئ لكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها)، أخرجه البخاري برقم الحديث 5991، صفحة رقم (1161).

وأكد "السدر" أن صلة الرحم تزيد في العمر وتبارك فيه، وهي عنوان على كمال الإيمان, وخشية الرحمن, وصلة الرحم تقي مصارع السوء وخزي الدنيا والآخرة.

واختتم مؤكدا أن الصيام أعظم مدرسة للصبر والبر والصلة، فمن صام رقت روحه وصفت نفسه على من أمره الله بصلتهم، وصبر على ذلك ابتغى ما عنده من الأجر والثواب، وخشي العقوبة والعذاب، فلعلنا نعود في هذا الشهر إلى أقربائنا بالزيارة والسؤال والدعاء لهم، وتلمس الفقراء والمحتاجين، ونجاهد أنفسنا على العمل الصالح، والصبر عليه، ونحبس أنفسنا عما يغضبه ونصبر عليه.