عبد الرحمن السدر يشرح فضل العشر الأواخر

أكد الكاتب عبد الرحمن بن عبيد السدر أن من لم يربح في هذا الشهر الكريم ففي أي وقت سيربح، ومن لم ينيب فيه إلى مولاه ففي أي وقت يُنِيبُ ويصلح، ومن لم يزل متقاعساً عن الخيرات ففي أي وقت تحصل له الاستقامة ويفلح.

وناشد المسلمين بالقول: فبادروا يرحمكم الله فرصة هذا الشهر قبل فواتها، واحفظوا نفوسكم عما فيه شقاؤها وهلاكها، ألا وإن شهركم الكريم قد أخذ بالنقص والاضمحلال.

وقال : شارفت لياليه وأيامه الثمينة على الانتهاء والزوال، فتداركوا أيها المسلمون ما بقي منه بصالح الأعمال وبادروا بالتوبة من ذنوبكم لذي العظمة والجلال، واعلموا أن الأعمال بالخواتيم فأحسنوا الختام.

فلقد مضى من هذا الشهر الكريم الثلثان، وبقي منه الثلث وقت العشر الحسان فاغتنموها بالعزائم الصادقة، وبذل المعروف والإحسان، وقوموا في دياجيها لربكم خاضعين ولبره وخيراته راجين ومؤملين، ومن عذابه وعقابه مستجيرين مستعيذين، فإنه تعالى أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين، وهو الذي يقول: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيبُ دَعْوَة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بيلَعَلَّهم يرشدُونَ).

وهو الذي ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخرفيعرض على عباده الجود والكرم والغفران، يقول من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، وفي هذا العشر ليلة القدر المباركة التي يفرق فيها كل أمر حكيم، ويقدر فيها مايكون في تلك السنة بإذن العزيز العليم الحكيم، تنزل فيها الملائكة من السماء، وتكثر فيها الخيرات والمصالح والنعماء، من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من الذنوب،ومن فرط فيهاوحرم خيرها فهو الملوم المحروم،أبهمها الله تعالى في هذه العشر فلم يبين عينها ليتزود الناس في العشر من التهجد والقراءة والإحسان.

وليتبين بذلك النشيط في طلب الخيرات من الكسلان،فإن الناس لو علموا عينها لاقتصر أكثرهم على قيام تلك الليلة دون ما سواها.

ولو علموا عينها ما حصل كمال الامتحان في علو الهمة وأدناها، فاطلبوها رحمكم الله بجد وإخلاص، واسألوا الله فيها الغنيمة من البر والخيرات والسلامة من الإفلاس، فإذا مررتم بأية رحمة فاسألوا الله من فضله، وإذا مررتم بأية وعيد فتعوذوا بالله من عذابه، وأكثروا في ركوعكم من تعظيم ذي العظمة والجلال.

وأما السجود فاجتهدوا فيه بعد التسبيح بالدعاء بما تحبون فإنأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، ويجوز للإنسان أن يدعو لنفسه ولوالديه وذريتهوأقاربه ومن أحب من المسلمين، وأطيلوا القيام بعد الركوع والجلوس بين السجدتين، لتتناسب أركان الصلاة من القيام والركوع والجلوس والسجود والقيام بعد الركوع، محل حمد وثناء، فأكثروا فيه من الحمد والثناء والجلوس بين السجدتين محل دعاء بالمغفرة والرحمة.

فأكثروا فيهمن الدعاء وافتتحوا قيام الليل بركعتين خفيفتين لأن الشيطان يعقد على قافية العبد إذا نامثلاث عقد، فإذا قام وذكر الله انحلت عقدة، فإذا تطهر انحلت الثانية.

ثم إذا صلى انحلت الثالثة، ولكن إذا جاء أحدكم المسجد وقد أقام الإمام فليدخل معه ولو لم يفتح القيام بركعتينخفيفتين، لأن متابعة الإمام أهم، قال الله تعالى في فضل ليلة القدر: (إنا أنزلناه فيليلة القدر * وَمَا أدراك ما ليلة القدر * لَيْلَهُ القدر خير من ألف شهر * تنَزّك الملائكة والروح فيهابإذن رَبُهم من كُل أمر * سلام هي حَتى مطلع الفَجرِ).

اللهم اجعلنا ممن يصوم ويقوم رمضان إيماناً واحتساباً، اللهم وفقنا لقيام ليل القدر.