عبدالرحمن بن عبيد السدر يكشف “الحكمة في إخفاء ليلة القدر”

كشف الكاتب عبدالرحمن السدر، عن الحكمة في إخفاء ليلة القدر، قائلا إن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول، ثم العشر الأوسط تحرياً لليلة القدر، ثم قيل له: إنها في العشر الأواخر فاعتكف العشر الأواخر، وعلى هذا يتبين لنا أن ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان.

وواصل "السدر" متسائلا: لكن في أي ليلة منها؟ الله أعلم فقد تكون في ليلة إحدى وعشرين، أو في ليلة الثلاثين، أو فيما بينهما، فلم يأت تحديد لها في ليلة معينة كل عام، ولهذا أُرِيّ النبي صلى الله عليه وسلم، ليلة القدر ليلة إحدى وعشرين، ورأى في المنام أنه يسجد في صبيحتها في ماء وطين، فأمطرت السماء تلك الليلة أي ليلة إحدى وعشرين، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده، وكان مسجده من عريش لا يمنع تسرب الماء من السقف، فسجد النبي صلى الله عليه وسلم صباحها، أي في صلاة الفجر في الماء والطين، ورأى الصحابة رضي الله عنهم على جبهته أثر الماء والطين، ففي تلك السنة كانت في ليلة إحدى وعشرين، ومع ذلك قال: (التمسوها في العشر الأواخر)، وفي رواية: (في الوتر من العشر الأواخر).

وذكر "السدر" أن الصحابة رؤها ذات سنة من السنين في السبع الأواخر، فقال لهم: (أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر)، يعني في تلك السنة، أما في بقية الأعوام فهي في كل العشر، فليست معينة، ولكن أرجاها ليلة سبع وعشرين، وقد تكون (مثلاً) في هذا العام ليلة سبع وعشرين، وفي العام الثاني ليلة إحدى وعشرين، وفي العام الثالث ليلة خمس وعشرين وهكذا.

وكشف "السدر" أن الله أبهم ليلة القدر لفائدتين عظيمتين، الأولى: بيان الصادق في طلبها من المتكاسل، لأن الصادق في طلبها لا يهمه أن يتعب عشر ليال من أجل أن يدركها، والمتكاسل يكسل أن يقوم عشر ليال من أجل ليلة واحدة.

والثانية: كثرة ثواب المسلمين بكثرة الأعمال؛ لأنه كلما كثر العمل كثر الثواب، فكانت الحكمة في إخفائها ليجتهد العبد في العبادة في جميع ليالي العشر كما أخفيت ساعة الإجابة في يوم الجمعة ليجتهد المسلم في جميع اليوم.

وحول ما يستحب طيلة هذه العشر وفي السبع الأخيرة خصوصاً، دعا "السدر" إلى التمسك بكثرة الدعاء ويستحب الدعاء بما ورد أن يقول (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني). لكنها في ليلة السابع والعشرين أرجى لقول كثير من الصحابة أنها ليلة سبع وعشرين، منهم ابن عباس وأبي بن كعب رضي الله عنهما فيكون لهذا التحديد أصل.

وبين الكاتب "السدر" أن القول الراجح من أقوال أهل العلم التي بلغت فوق أربعين قولاً أن ليلة القدر في العشر الأواخر، ولاسيما في السبع الأواخر منها، فقد تكون ليلة سبع وعشرين، وقد تكون ليلة خمس وعشرين، وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين، وقد تكون ليلة تسع وعشرين. وهي في الأوتار أكد، والقول الراجح أنها تنتقل وليست ثابته في كل سنة، فمن أراد قيامها فليجتهد في طلبها بالذكر والدعاء والصلاة طيلة ليالي العشر.

ودعا السدر، الصائمون، للحرص على الاجتهاد في ليالي العشر بالصلاة، والتلاوة، والذكر، والدعاء، والتضرع، والصدقة؛ فالعمر قصير و شهركم قد دنى رحيله وسيرتحل شاهداً لكم بما أودعتم فيه من الأعمال الصالحة، أو شاهداً على من فرط فيه وسوف. مذكرا أنها ليالٍ معدودة ثم تنقضي، وحينئذ يفرح العاملون بعملهم، ويندم المتكاسلون على تفريطهم وكسلهم.