22 رمضان.. عندما أوقفت السعودية تصدير النفط و جاء كيسنجر تحت قدمي فيصل

في مثل هذا اليوم، الثاني والعشرين من رمضان 1393، جلس الملك فيصل في منتصف خيمته التي أمر بنصبها في الصحراء، حوله وزراؤه ومستشاروه، وعلى يمينه، يجلس وزير الخارجية الأمريكي، هنري كيسنجر، متواضعا متوددا، متحدثا بمسكنة، محاولا إقناع الملك بالعدول عن قراره بحظر تصدير النفط إلى بلاده، والبلاد الأوروبية.

مصر وسوريا على الجبهة، تحاربان إسرائيل لاسترداد الأراضي العربية المحتلة، وأمريكا تقرر دعم الدولة الصهيونية بـ2.2 مليار دولار بشكل عاجل، لتقرر الدول العربية اتخاذ موقف للرد على الغطرسة الغربية.

كانت الخيمة الصحراوية إيماءة ذكية من الملك السعودي الداهية، الذي قالها بحسم: "عاش أجدادنا على التمر والماء، وسنعود لهما"، ليدرك الوزير الأمريكي أن الملك أحرق له كافة أوراقه مبكرا للغاية، ولم يعد لها من جدوى.


"جلالة الملك، إن طائرتي هامدة في المطار، فهل تسمحون لي بتموينها؟، سأدفع لكم بالأسعار الحرة"، قال كيسنجر، كما روى في مذكراته. لكن الملك لم يبتسم لدعابته، بل أمال رأسه ناحيته وقال: "وأنا رجل طاعنٌ في السن، وأمنيتي أن أصلي ركعتين في المسجد الأقصى، فهل تساعدني على تحقيق تلك الأمنية".

عقب ذلك القرار السعودي التاريخي سارع هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي بزيارة الرياض في 8 نوفمبر 1973، أملا في الخروج بموافقة سعودية على استئناف تصدير النفط، لكنه ظل يناور ويراوغ فلم يجد سوى تصريحات قوية ومباشرة من القيادة السعودية مفادها أنه سيتم استئناف تصدير النفط بعد أن تنسحب إسرائيل من الأراضي المحتلة.

كانت تداعيات الأمر الملكي بحظر تصدير النفط، قاسية للغاية، ارتفعت أسعار النفط، أصاب الشلل ملايين المصانع والمركبات والخدمات بالشلل التام، سقطت الوزارة الإنجليزية، احتجاجات في أمريكا وهولندا وبريطانيا. وأدرك العالم أن السعودية قادرة على فرض إرادتها، وقتما تشاء.