عبد الرحمن السدر يوضّح: هذا هو موقف المؤمن من الفتن

قال الكاتب عبد الرحمن بن عبيد السدر إن الفتن أمرُها، عظيم وخطرُها جسيم، لأنها إذا وقعت فلربما أنها تخرج الإنسان من الدين، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة من الفتن فقال: (تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن)، أخرجه مسلم، برقم الحديث 2867، صفحة رقم (1150).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال:(بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا)، صححه الألباني برقم الحديث 2195، كما في سنن الترمذي، صفحة رقم (497).

وعن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فزعاً يقول (سبحان الله ! ماذا أنزل الله من الخزائن، وماذا أنزل الله من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجرات لكي يصلين، رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة)، أخرجه البخاري، برقم الحديث 7069، صفحة رقم (1351).

وقال أن الفتن على اختلاف أنواعها وتعددها ترجع على نوعين:

النوع الأول: فتن الشبهات تكون في الدين وفي العقيدة.

النوع الثاني: فتن الشهوات تكون في السلوك والأخلاق والملذات والمشتهيات للبطون والفروج وغير ذلك من الشهوات.

قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ من بَعْدِي تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وفي رواية: وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ)، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئا إلا وضحه لنا، وبينه لنا، ومن ذلك أنه بيّن موقف المسلم من هذه الفتن: أنه يكون على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ويلزم ذلك ويصبر عليه، ويكون على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، هذا فيه النجاة من الفتن، وهذا موقف المسلم من الفتن، أنه لا ينخدع ولا ينجرف معها وإنما يبقى على دينه، ويصبر عليه.

وأضاف: كذلك من المنجيات من هذه الفتن وموقف المسلم منها: أنه يلزم جماعة المسلمين وإمام المسلمين الموجودين في عهده، فيكون مع جماعة المسلمين وإمام المسلمين، ويبتعد عن الفرق المخالفة، لأن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفتن قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني من ذلك أنه سأله: ماذا يصنع؟ ما تأمرني إن أدركني ذلك؟ أي وقت الفتن الاختلاف قال: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ما داموا موجودين ولو كانوا قلة، إذا كانوا على الحق تلزمهم وتكون معهم، وتكون تحت إمامهم، إمام المسلمين، لأن هذا منجاة من الفتن بإذن الله، تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ولا تنجرف مع المنجرفين باسم الحرية أو باسم الديمقراطية أو باسم العلمانية أو باسم التعددية أو ما أشبه ذلك.

وقال: نحن نتمسك بديننا وننحاز مع جماعة المسلمين وإمام المسلمين هذا هو النجاة من الفتن عند حدوثها، ولا نغتر بالدعايات، ولا نغتر بزخرف القول، ولا نصغي إلى الشبهات التي تحاول أن تجتثنا من جماعة المسلمين وإمام المسلمين، قال حذيفة رضي الله عنه: فإِنْ لَمْ يكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ - ولا حول ولا قوة إلا بالله - جاءت فتن عظيمة وليس هناك جماعة ولا إمام للمسلمين، قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا لا تدخل في الفتن، اعتزل هذه الفرق كلها لأنها ليس لبعضها ميزة على بعض، ليس فيها جماعة وليس فيها إمام، فهي كلها على ضلال تاءه لا تدخل معها، اعتزلها ولو أن تكون وحدك: وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ، فهذا موقف المسلم من الفتن:

1.      يأخذ بكتاب الله عز وجل.

2.      يأخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه خلفاءه وأصحابه.

3.      يكون مع جماعة المسلمين أينما وجودوا ومع إمام المسلمين.

4.      إذا لم يكن هناك جماعة ولا إمام فإنه ينجوا بنفسه وينحاز عن هذه الفرق كلها حتى يدركه الموت وهو متمسك بدينه وعلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

وما كان التفجير والخروج على الإمام إلا أنها من فتن آخر الزمان.

وطالب المسلمين بالحذر من سب ولاة الأمر أو العلماء أو التحريض على الخروج عليهم، فإنها  معصية، فالمخرج من الفتن الاعتصام بالكتاب والسنة والأخذ من العلماء الراسخين وتصفية النفس من الغل والحقد، فإن الاجتماع قد أمر به الشرع  وحذر من ضده.