نظام الملالي في متاهات كورونا

شذى جريسات

لم يكد يرفع نظام الملالي القابع في طهران رأسه بعد سلسله الإخفاقات المتتالية داخلياً وخارجياً حتى أقدم على تنازل جديد بتسليم السجناء الأمريكان في إيران الواحد تلو الآخر، في محاولة يائسة منه لتلميع صورته داخلياً بعد أن عصفت أزمة جائحه كورونا بالنظام واقتصاده وكشفت مدى ضعفه وانهيار البنية التحتية الصحية لبلد كجغرافية إيران المترامية الأطراف، والتي لايزال اغلب الشعوب فيها يتعالجون في مستشفيات متهالكة انتهت مدة صلاحيتها كأبنية ومعدات وتطور حيث أنشئت في عهد الشاه محمد رضا بهلوي!
في حين تحرك الأحوازيون ودقوا مسمار جديد في نعش النظام الملالي من خلال التخلص من أحد أكبر العملاء منهم لدى نظام الملالي وهو المدعو/ سيد كريم موسوي، ذلك المعيدي (حسب تصنيف عرب الاحواز له) حيث انه من اسره متواضعة جداً اجتماعياً ومادياً وكانوا يعيشون في هور مدينة الحويزة بين البهائم والماء، ويتلقون ما تجود به انفس الناس عليهم من نذور بسبب فقرهم وفاقتهم وزعمهم انهم من نسل الرسول محمد بن عبدالله (الساده حسب تعبير بعض الاحوازيين).
والعملاء الاحوازيون هم في اغلبهم من قاع المجتمع الاحوازي ممن لا شأن لهم ولا أهمية وسبحوا مع تيار الملالي وندرة منهم وصلوا لدرجات رفيعة بالنظام من قبيل علي شمخاني (الأمين العام للمجلس الأعلى للامن القومي الإيراني الحالي) واغلبهم بقوا في القاع ويقتاتون على ما يلقي به النظام لهم من فتات الموائد في مقابل خيانة أبناء وطنهم. لكنهم في المقابل يتملقون للمحتل الفارسي في سبيل رفعة شأنهم اجتماعياً ومادياً فقط وليس حباً لهم او انتماء لهم. ففي حال استقلال الاحواز فسيكونون أول من يمثل دور الوطني الأصيل وسيحاربون الملالي واي فارسي عاداهم ام لم يعادهم. فالمصالح الدنيوية هي من تحرك بوصلة ولائهم! وهذا ديدن كل عميل أيا تكن اصوله ومعتقداته وبلده.
وهذه نتيجه طبيعية لانهيار الخدمات وزيادة وتيرة السرقات في النظام في عموم جغرافية إيران وبالاخص داخل ارض الاحواز المليئة بالثروات الطبيعية الهائلة. لاسيما بعد تعيين غلام رضا شريعتي محافظاً للاحواز (محافظة خوزستان في التسمية الفارسية) سنة 2016 فهذا الفارسي شديد العداء للعرب اظهر الكثير من الكبر والاستعلاء على الشعب الاحوازي مما ولد المزيد من الكراهية والاحتقار له ولنظامه البالي. لكن الاعلام فضحه اكثر من مره ولعل اشهرها انتقاد محافظ سمنان الفارسية مؤخراً له بأنه شخص غير جدير بالمنصب لانه يغرق في الابهة والبذخ. وقال له انه لو كان في منصبه لمنع حتى ارسال عائدات نفط المحافظة للعاصمة طهران! فما كان من شريعتي الا اتهامه بأنه على خطأ فيما قال، واقواله معارضة لامن البلد وعلى قرار اراء الاحوازيين.
والاتهامات الفارسية للعرب الاحوازيين ومن ساندهم جاهزة من قبيل محاربة الله والافساد في الأرض والوهابية! والوهابية تمثل استفزازاً للفرس لانها تسبب لهم الحنق والقهر بسبب كرههم للمملكة العربية السعودية وملكها و بالاخص ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير/ محمد بن سلمان لانهم يرون فيه هزائمهم التي عاشوا على يد الجيش العراقي ويتخوفون منه لانه امير شاب قد يجرعهم كأس السم الزعاف كما حصل عام 1988 حين استسلامهم للعراق والقبول بقرار مجلس الامن رقم 598 بعد رفض ذات القرار لاكثر من سنة كاملة. ولكن كيف السبيل لتوجيه الاتهام  ذاته لمسؤول في نظام الملالي ومن الفرس انفسهم لانه جاهر بفساد مسئول فارسي اخر!
وبالعودة لمسلسل فضائح إيران غير المنتهية في العلن نجد تعيين محمد باقر قاليباف رئيساً لمجلس الشورى الإيراني مؤخراً في حين انه كان رئيس بلديات طهران الأسبق ومرشح رئاسي سابق. ومن الطريف انه في احدى المناظرات الرئاسية اتهم خصومه بالسرقات الضخمة كما اتهموه بمثلها ايضاً جهاراً بلا حياء او خجل وكان المناظرين له حينها هما حسن روحاني الرئيس الحالي وإبراهيم رئيسي الرئيس الأعلى للقضاء حالياً! فسباق الرئاسة من الأنشطة الكرتونية الإيرانية التي تعودت عليها الشعوب هناك وملتها من سماجتها. حيث يستطيع أي شخص رجلاً كان ام امرأة ان يرشح نفسه ويسطع اسمه في السباق الرئاسي وتنشره له الدعايات في الفضاء الافتراضي لبرهة من الوقت ثم يأتي مقص الرقيب ويختزل المرشحين للرئاسه من بضعة الاف إلى سته اشخاص فقط من أبناء نظام الملالي حصراً!!! ويدعون انهم بلد فيه ديمقراطية وانتخابات حره ونزيهة! وهؤلاء الأشخاص السته يتم غربلتهم فيتنازل البعض للاخر نتيجة مساومات واغراءات ثم يمكث في السباق اثنين فقط، فلا يهم من يفوز. فالسلطات غير المحدودة مجتمعة في يد المرشد الأعلى للنظام وبعض المتنفذين حوله، ممن يتبادلون المناصب كتبادل الأطفال لعبة الكراسي! لذلك المهم لهم ان من يستحوذ على أي منصب حكومي، عليه ان يسرق ويكثر من السرقات قبل ان يطير المنصب من تحت قدميه.
اما على الصعيد الخارجي، فتتصاعد وتيرة الخلافات بين نظام الملالي وأفغانستان التي يتهم مسئولوها المسئولين الفرس باغراق عشرات من اللاجئين الأفغان عمداً وهم في طريق عودتهم لأفغانستان. ثم حدثت حادثة أخرى اتهم فيها الأفغان المسئولين الإيرانيين بتقاعسهم عن نجدة بعض الأفغان المحترقين داخل سيارتهم في إيران وهم يستغيثون ولم يهتم بهم رجال الامن الإيرانيين وتركوهم لمصيرهم المحتوم بلا رحمة او شفقة!
والعداء الإيراني الافغاني تاريخي قديم. فالفرس يخافون الأفغان كثيراً لانهم هزمومهم مراراً وتكراراً. وما نهاية الدولة الصفوية الا على يد الملك/ محمود شاه الافغاني سنة 1722 م ثم استعادها نادر شاه الافشاري الذي عاقب ملالي أصفهان الشيعة حينها الذين لم يدافعوا عن وطنهم رغم كثرتهم وارسلهم للصحراء عقاباً لهم. اما في التاريخ الحديث فقد اغتيل 9 دبلوماسيين إيرانيين في مزار شريف في 1998 ولم ترد إيران حينها الا اعلامياً! اما سوريا فالانهيار الاقتصادي وتجاوز الدولار حاجز الثلاث الاف ليرة سوريه يؤكد قرب انهيار نظام بشار الأسد وبالتالي فقدان بلد استراتيجي مهم لنظام الملالي مثل سوريا.
فما يجري داخل جغرافية إيران باختصار هو ملء جيوب السراق قبل هروبهم الكبير مع تزايد هروب مسئولين الصف الثاني وزيادة وتيرة المشاكل في إيران والمهاترات بين مسئولو النظام انفسهم واتجاه البوصلة نحو الانهيار الكامل للنظام وهروب مسئولوه عاجلاً غير اجل لاسيما في ظل التخبط والتعثر الدائم وتململ القوميات والتوجه لثورات يأسه لا تبقى ولا تذر.