الأصول الثابتة

من أجمل الأوصاف التي قرأتها في الفترة الأخيرة مصطلح "الأصول الثابتة"، ويقصد به مجموعة الجوارح الطبيعية لدى كل إنسان وهي: اليد، والرجل، والعين، والأذن، واللسان، والبطن، والفرج؛ ووصفت بذلك لأن كل منها أصلٌ في جسم كل إنسان، إلا من ولد منقوصاً من أحدها، فحينها يدخل ضمن قائمة المعاقين.

ونحن في مجال التنمية البشرية وتطوير الذات نستخدم بعض المصطلحات ذات المغزى في حياة الإنسان، فنطلق وصف "النعم"  أو "القوى" على الرزق والصحة والأمن؛ وذلك لأهمية وجودها في حياة الإنسان، وانعكاس ذلك على قدرته على العمل والإنجاز.

كما نطلق وصف "مناطق التفوق" على المهارات والقدرات الخاصة بكل إنسان، والتي يستطيع من خلالها أن يتميز عن غيره، مثل مهارة الخطابة أو الكتابة أو الشعر.

ونطلق كذلك وصف "حقول الألماس" على الموارد الطبيعية في الحياة عموماً، أو في حياة كل إنسان على وجه خاص، والتي يمكن باستغلالها الحصول على موارد إضافية غير متوقعة أساساً، مثل استغلال عناصر الجغرافيا المتمثلة في الأرض أو الطقس أو الطبيعة بشكل عام.

لكن كريم الشاذلي كان كريماً  في كتابه "عش عظيماً" عندما أطلق وصف "الأصول الثابتة" على جوارح الإنسان؛ فهو تعبير دقيق ومعبر عن قيمة تلك الجوارح وأهميتها في حياة كل واحد منّا، وكانت الكاتبة سلوى العضيدان كريمةً أيضاً عندما ساقت في كتابها "استمتع بفشلك ولا تكن فاشلاً" بعض الأمثلة على قيمة الأصول الثابتة لدينا.

وأوردت عدداً من قصص العظماء الذين ولدوا بإعاقات متنوعة لكنهم تجاوزونا في إنجازاتهم ونجاحاتهم، ومن أبرز ما ذكرت الكاتبة سلوى العضيدان قصة الشاب الأسترالي نيك نيكولاس الذي ولد بدون ساقين ولا ذراعين، ليصبح بعد ذلك رئيساً لاثنتين من أكبر الشركات العالمية، وقصة الفتاة الصمّاء البكماء هيلين كيلر التي ألفت العديد من الكتب وحصلت على أكثر من شهادة دكتوراة.

كما كان الأديب والمفكر المصري طه حسين مصاباً بمرض في عينيه؛ أدى لفقدانه البصر في سن مبكرة، ورغم ذلك واصل طريق التميز في مجال الثقافة والفكر؛ ليتم تكريمه من هيئة الأمم المتحدة قبل وفاته بيوم واحد فقط، وها هو الكاتب الياباني هيروتادا أوتوتاكي يضرب مثالاً آخر في العزيمة والإصرار، حيث اقتحم عالم الكتابة والتأليف بلا يدين ولا رجلين، ووصلت مبيعات أحد كتبه إلى أربعة ملايين نسخة.

ولو أردت الحديث عن قصص العظماء الذين ولدوا بإعاقات مختلفة مثل العمى والعور والصمم لطال بي المقام، ولكن حسبي من القلادة ما أحاط بالعنق، وقد قال الأديب المصري أنيس منصور: "عندما يفقد الإنسان قدرته على النظر؛ تنبت العيون والأجفان في أصابعه".

أيها القارئ الكريم: هل تشعر بالرضا عن نفسك وأنت تقرأ قصص العظماء وما عانوه في سبيل تحقيق إنجازاتهم؟

هل تعتقد بأنك أقل من غيرك وأنت تمتلك الأصول الثابتة وتتنقل بين حقول الألماس ومناطق التفوق؟

إذا كنت تظن بأنك قادر على الإنجاز والتميز فابدأ من الآن وشمّر عن ساعديك وانطلق في رحلة التغيير.