معضلة السياحة الداخلية وعزوف المستثمرين

تزخر مملكتنا الحبيبية بتنوع جغرافي قل أن تجد له شبيه في أغلب دول العالم فمن المرتفعات الجبلية الشاهقة بنسماتها العليلة إلى الآثار الضاربة في جذور التاريخ مرورًا بسواحلها الممتدة على ضفاف البحر الأحمر والخليج العربي.
وقد بدأت تطلعات رؤية سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله لتعزيز السياحة الداخلية كونها رافد مهم في الاقتصاد تتضح معالمها بدءًا من مشروع القدية ومشروع البحر الأحمر ومشروع نيوم إلا أن الاستثمارات في المصايف القديمة كالطائف والباحة وآبها لازالت خجولة فهي ما بين عزوف السيّاح لضعف جودة الأماكن السياحية وقلتها - أدى لارتفاع الأسعار صيفًا- وبين عزوف المستثمرين الذين لن يغامروا في بناء مشاريع واعدة تعمل لشهرين في العام فقط بخلاف مدن كبرى كالرياض وجدة يتدفق لها الناس طوال العام نظرًا لأهميتها الكبيرة بوجود العديد من الوزارات والمستشفيات المتخصصة والفعاليات والمعارض الموزعة طوال العام كما أن للكثافة السكانية العالية دور في الحركة الاقتصادية ، وهو الأمر الذي يدفعنا لأن نتمنى دعم المصائف بطرح الفرص الاستثمارية وعرضها على الشركات المختصة وتقديم حزمة مزايا قد يكون منها تخفيض الرسوم الحكومية للتراخيص والتي يتساوى فيها ترخيص فندق في الرياض مع تكلفة ترخيص فندق في أملج أو العلا أو الطائف ، كما أن تكلفة ضريبة رسوم الإيواء في شقق مفروشة في جدة مساوية لنفس الرسوم لشقق في الباحة أو النماص أو آبها ، كما أن متطلبات وزارة العمل في الرياض هي نفسها في جزر فرسان وعلى ذلك فقس، فماذا لو اختلفت التكلفة وتم تحفيز المدن الصغيرة وخصوصًا السياحية منها لرأينا شهية الاستثمار تتجه للمدن الصغيرة مما يؤدي بالتالي لخفض الأسعار في ظل وجود خيارات عديدة أمام السائح المحلي وحتى السائح الأجنبي ، وكي لا تتركز المشاريع في مدن دون أخرى.

كما أن دعم تلك المدن بتحويل بعض المؤتمرات الداخلية وإقامة معارض ومهرجانات خارج فترة الموسم السياحي ستكون بلا شك داعما ورافدا مهما ينعش الحركة التجارية فيها لفترات أطول مما ينتج عنها زيادة في فترات التشغيل والذي بدوره يجعل من دراسة الجدوى للاستثمار سِيَاحِيًّا مناسب ومغري للمستثمرين.