كاتب سعودي: من لا يغرس محبة الوطن في أبنائه.. خائن

وصف الكاتب السعودي، أسعد عبدالكريم الفريح، كل من نهب مال الوطن، ومن لا يؤدي عمله بإخلاص، ومن تلاعب بسوق الأسهم، ومن نفذ مشاريع وهمية، ومن طعن الوطن في ظهره، ومن رضي أن يكون أداة تبث الأخبار المسمومة والأكاذيب عن وطنه وقادته، ومن جعل الدين رأس حربة للنيل من وطنه، ومن ساير الخونةً والإرهابيين وحتى ولو بالصمت، ومن لم يغرس محبة وطنه في قلوب أبنائه وأهله، بأنهم "خونة"، مثل "بروتس".

وبروتس هو ابن غير شرعي للقيصر الروماني الشهير، يوليوس، شارك في قتل أبيه، والذي قال حين رأى ابنه طيعنه بالخنجر، جملته الشهيرة: حتى أنت يا بروتس؟".

وأضاف الفريح في مقال له بصحيفة الوطن، أنه ليس من الضرورة أن يأخذ بروتس خنجرا ليطعن أحدا من أهله ليكون خائنا، لكن الأكثر خيانة هو من كان سوسة تنخر في صلب الوطن وهدفه أن ينهار ذلك الصرح.

وفيما يلي نص مقال الفريح، الذي حمل جملة يوليوس قيصر عنوانا له "حتى أنت يا بروتس؟" 

الذي ألهمني هذا العنوان هو صديقي أحمد العرفج، فقد كتب مرة أنه يجب فرض رسوم على المتقاعدين الذين لا شغل لهم إلا الإرسال بالواتس، فرددت عليه: حتى أنت يا بروتس، هم المتقاعدين ناقصين هم، ما هم يا عيني عليهم بعد ما الراتب صار رويتب، كثير منهم فقدوا حتى الصداقات، وهذه فيها لهم وعليهم، فأما الذي عليهم فإذا هم جعلوا الوظيفة هي مجلبة المصالح والشلل، فهذا ما جنته أنفسهم عليهم، أما إذا كانوا ممن أدى واجبه وخدم وطنه والمواطنين بإخلاص لكن تفرق عنه الناس من قلّة الوفاء، فهذه يحب ألا يضيق منها، فبالناقص ممن لا خير فيه.

 

هذا من ناحية المتقاعدين، طيب وايش رأيك يا صديقي أحمد بالذين على رأس العمل تاركين شغلهم وهات يا واتسات وتويترات وخذ وهات، فقهقه أخونا العرفج ورد كمخرج بس «مش كمخرج رقم 7» فقال: قصدي الذين يرسلون الإشاعات.

 

طبعا الإشاعات ليست قصرا على المتقاعدين، فقد أصبحت الإشاعة كمقرر مدرسي «وخاصة القديم»، الذي هو ممل على رغم الافتراض أنه ذو فائدة فكيف بالإشاعات، وأخص بالذات التي يطلقها إما مهايطون ومهرجون أو ممن يدعون العلم في كل مجال وهم مفلسون، أو ممن يود أن يتسلط برأيه وهو الذي كان ينتقد الآخرين لأنهم يتسلطون بآرائهم، وما الفرق بينهما، إنها لقسمة ضيزى.

 

وأضف إلى هواة الإشاعات مجموعة الخونة الذين يبيعون ضمائرهم إلى أربابهم أو إلى قنوات مشبوهة، طبعا هم يدعون الإصلاح ويبثون سمومهم التي لا تنطلي أو تقع محل الرضا إلا على مغرض أو غافل.

 

وعلى ذكر بروتس والقيصر وليس العرفج وحضرتنا، فإن من قال حتى أنت يا بروتس ولم يكررها أبداً هو يوليوس قيصر الروم، لأنه بعد ذلك أصبح من الراحلين على يد مجموعة خانته، اجتمعت عليه وأثخنته طعنا بالخناجر، ومن ضمنهم كان بروتس الابن غير الشرعي له، فلما رآه يشارك في طعنه قال: حتى أنت يا بروتس، فرد إني أحبك ولكن أحب وطني أكثر.

 

طبعا أحيانا يبرر البعض أفعالهم بحب الوطن، وهم من ذلك كبعد الشرق عن الغرب، طبعاً كما هي العادة لا يتم اكتشاف الخيانة إلا بعد خراب مالطة التي احتلها الفرنسيون بقيادة بونابرت لمدة سنتين وحررها الإنجليز، ولكن بعد ما جعلها الفرنسون خرابا فأصبح ذلك مثلا يضرب عندما تتأخر الحلول. وعاصمة مالطا هي فاليتا، ولو أسأل أي إنسان كم مساحة عاصمة مالطا التي يضرب بها المثل، ما أظن أن أحداً سيقترب من الجواب الصحيح، فهي أقل من كيلو متر مربع وسكانها أقل من ألف.

 

إن الخيانة مع الأسف لم تتوقف فكل من طعن الوطن في ظهره بروتس، ومن رضي أن يكون أداة تبث الأخبار المسمومة والأكاذيب عن وطنه وقادته بروتس، ومن جعل الدين رأس حربة للنيل من وطنه هو بروتس، ومن ساير الخونةً والإرهابيين وحتى ولو بالصمت بروتس، ومن لم يغرس محبة وطنه في قلوب أبنائه وأهله هو بروتس.

 

إن من ينهب مال الوطن، ومن لا يؤدي عمله بإخلاص، ومن تلاعب بسوق الأسهم، ومن ينفذ مشاريع وهمية أو لا تتوافق مع المعايير الواجبة هو بروتس.

 

ليس من الضرورة أن يأخذ بروتس خنجرا ليطعن أحدا من أهله ليكون خائنا، لكن الأكثر خيانة هو من كان سوسة تنخر في صلب الوطن وهدفه أن ينهار ذلك الصرح.

 

إن الخونة قد كشف معظمهم على حقيقتهم، فاللون الرمادي لم يعد يمر على الأمناء على سلامة الوطن، فأنت إما أبيض أو أسود فنحن أناس لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين أو القبر.

 

يظل هذا الوطن منجم الأوفياء، ومنارة هدي للعالم، وكعبة يقصدها القاصي والداني، إما للحج أو العمرة أو زيارة المدينة المنورة أو للتجارة، وأضف عليها أيضاً للسياحة.. هذا الوطن هو للشرفاء، ولا مكان لأي بروتس بيننا.

 

وعش يا وطني قرير العين بقادتك وشعبك.