مقاتلات فرنسية لحماية أجواء البلطيق من الطيران الروسي

على مدرج طويل محاط بغابة كثيفة غير بعيدة عن بحر البلطيق، تبقى أربع مقاتلات فرنسية من طراز "ميراج 2000" على أهبة الاستعداد للإقلاع عند أول إنذار، مهمتها منذ أربعة أشهر المساهمة في ضمان أمن أجواء دول البلطيق وجارات روسيا.

وبما أنها عاجزة عن حماية سلامة أجوائها بمفردها، عهدت ليتوانيا ولاتفيا واستونيا منذ 2004 لشركائها في الحلف الأطلسي مهمة حماية سمائها.

بعد 2014 وعلى أثر ضم روسيا شبه جزيرة القرم وتدخل موسكو في النزاع في أوكرانيا، تم توسيع هذه المهمة التي تسمى "حراسة أجواء البلطيق" (بالتيك اير بوليسينغ) وتنطلق من قاعدة سيولياي في ليوتوانيا، إلى قاعدتين أخريين هما مالبورك في بولندا وأماري في استونيا.

وتتمركز أربع طائرات حربية فرنسية في أماري منذ أيار/مايو في هنغارات كانت تضم في عهد السوفيات طائرات سوخوي "سو-24".
وقال اللفتنانت كولونيل جوان دوسور قائد الوحدة الفرنسية التي تضم مئة طيار "خلال أربعة أشهر قمنا بنحو 15 طلعة بناء على إنذار". وتسمى هذه الطلعات "الفا سكرامبل" وتقلع بموجبها الطائرات خلال دقائق بطلب من قيادة العمليات الجوية للحلف، مزودة بمدفعية من عيار 30 ملم وصواريخ جو-جو.

تجري هذه الرحلات بناء على إنذارات في المجال الجوي لمنطقة البلطيق "عندما لا ترسل طائرة ما خطة رحلتها أو تمتنع عن الرد على اللاسلكي أو إذا لم يكن لديها جهاز إرسال واستقبال" يسمح بمتابعة تفاصيل حركتها، كما يقول الطيار الكومندان جورج.

وهذه الطائرات "عسكرية مئة بالمئة" حسبما تقول مصادر فرنسية ومواصفاتها متنوعة. فهي نصف مطاردة وطائرات نقل واستخبارات كهرومغناطيسية وللدوريات البحرية ولمكافحة الغواصات وغيرها.

أكد الكابتن جان تشارلز أن مقاتلات الحلف الأطلسي تستفيد من الاقتراب من الطائرات، لجمع معلومات. وقال "أثناء الطلعة نلتقط صورا للتعرف على الطائرات ومعداتها. ولدينا أيضًا كاميرا رياضية لتحليل سلوك الطائرات".

وحول هذه النقطة لم يتم الإبلاغ عن أي حادث مع الروس الذين لا تزال توغلاتهم محسوبة للغاية. وقال اللفتنانت كولونيل دوسور إنهم "محترفون كبار" يأتون "ليروا ما هي حدود" تحركاتهم.

وأضاف الضابط نفسه "من النادر للغاية أن تحلق طائرة فوق الأراضي الوطنية. ما يتكرر هو عمليات مرور فوق المياه الدولية خارج الأراضي السيادية ولكن في المجال الجوي الذي تعمل فيه وحدات التحكم في منطقة البلطيق لضمان سلامة الرحلات الجوية (منطقة معلومات الطيران).

وتابع "هذا ليس انتهاكاً للسيادة لكنه يمثل خطراً على الطيران المدني".

لكنه حذر من أنه "لو لم تكن مقاتلات الحلف منتشرة في المكان لجرت طلعات (روسية) فوق الأراضي الوطنية"، موضحا أن "هذا الأمر كان يحدث قبل تفويض الحلف الأطلسي" الذي تنفذه دول متطوعة بالتناوب.

وصرح رئيس الاركان الاستوني مارتن هيرم لفرانس برس "نحن نقدر كثيرا دعم الفرنسيين" في مواجهة "جار غير موثوق به" ، مشيرا الى ان إستونيا دولة صغيرة عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة وتشارك عمليات عدة في مالي مثل المهمة الأوروبية وبرخان، وفي القوة الجديدة "تاكوبا".

وبمناسبة زيارته لتفقد الطيارين الفرنسيين في نهاية آب/أغسطس، تمكن رئيس الأركان الفرنسي فرانسوا لوكوانتر من فهم "لعبة القط والفأر هذه التي يلعبها هنا سلاح الجو والقوات الجوية في الأطلسي، كما تفعل البحرية الوطنية الفرنسية في المحيط الأطلسي بالغواصات الروسية ".

وهو يرى أن التزام فرنسا تجاه شريكاتها دول البلطيق في الجو ولكن على الأرض أيضا منذ 2017 ، كجزء من الوجود الأمامي المعزز للحلف الأطلسي، "ضروري للغاية اليوم".

ويتيح هذا الالتزام إمكانية إعطاء مصداقية للموقف الفرنسي "الذي يؤكد انتماء فرنسا الكامل إلى الحلف الأطلسي (...) لكنه يرغب في الوقت نفسه في تعزيز شكل من السيادة الأوروبية"، في مواجهة الانسحاب الأميركي، وكذلك "في حوار بدون أوهام ولكن واضح مع روسيا"، مما أثار شكوك عدد معين من الحلفاء.

وقال الجنرال لوكوانتر إنه "لا يمكن أن يصغي شركاؤنا لهذا الموقف إلا إذا تمكنا من إظهار حزم وجدية التزامنا في الحلف الأطلسي".