العلماء والنماذج

يُقدًم العلماء مخرجات فكرية على ما يتم ملاحظته بالطبيعة على شكل نماذج علمية نافعة للبشرية.

ومن هذا المنطلق سوف نتحدث اليوم عن نوعين من هذه النماذج، النوع الأول ويتمثل في النماذج الملموسة أما النوع الثاني فيتحدد في النماذج التصورية.

النماذج الملموسة هي عبارة عن مجسمات ثلاثية الأبعاد تحاكي ما تمملاحظته في الطبيعة لعدم القدرة على رؤيته، مثل مجسم الكرة الأرضية أو مجسم الهيكل العظمي للإنسان. أما النماذج التصورية فهي عبارة عن رسومات ثنائية الأبعاد يحاكي ما يحدث بالواقع مثل الرياضيات والفيزياء.

عندما ندرس الأرض والفضاء، سنكتشف أن النماذج مهمة جدًا.

حيث نفهم نوعًا ما هو الحال بالنسبة للعلماء عندما اكتشفوا العديد منالأمورفي الأرض والفضاء مثل الأمور التي نعرفها اليوم والتي نأخذها كأمر مُسلم به لأنه تم اكتشافها وإثبات نظرياتها لتصبح حقائق علمية.

هذا ليس ما كان عليه الحال دائمًا، عندما نفكر في فيروس كورونا المستجد (COVID-19)، لم تكن لدينا معلومات كافية في شهر مارس من عام 2020م وكان هناك الكثير من الشكوك حول الموضوع، وبعد ذلك تعلم العلماء المزيد ودرسوا هذا الفيروس أكثر ليتعلموا المزيد عنه ليتمكنوا منإخبار الناس طرق دقيقة لمحاولة منعه أو معالجته.

يمكننا التفكير في الأرض والفضاء بالطرق نفسها لأنها ليست شيئًا يمكننا ملاحظته بسهولة.

عندما يدرسالعلماء الكون، لا يمكنهم الطيران إلى أقصى الفضاء ورؤية شكل النجوم. فبعض الأنظمة كبيرة جدًا أو صغيرة جدًا ولا يمكن ملاحظتها بشكل مباشر.

يَصف النموذج كيف يبدو النظام ويعمل بناءً على أفضل دليل علمي في ذلك الوقت الذي يمثل فيه النموذج بيانًا لماهية النظام.

لأن العلماء لا يمكنهم دائمًا رؤية الأنظمة التي يحاولون فهمها، فمن الصعب عليهم صنع نماذج ملموسة.

فالعلم يعتمد بشكل كبير على النماذج التصورية، لكن الأفكار في النموذج التصوري قد تكون مجرد تخمينات أو قد تأتي من التجارب والملاحظات. بمجرد وصف نموذج تصوري، يُمكن للعلماء الآخرين العمل عليه.

تساعد الاختراعات الجديدة هذه العملية، على سبيل المثال، ساعدت التلسكوبات علماء الفلك على تغيير نماذجهم للنظام الشمسي، عندما يظهر وجود خلل في النموذج،يتم تغيير وتعديل النموذج.

من أشهر النماذج، هو نظامنا الشمسي المعروف. للقدرة على شرح نظامنا الشمسي، فقدنظر أوائل البشر إلى السماء ورأوا الشمس بالنهار والنجوم والقمر يتوهجوا فوق رؤوسهم بالليل.

أرادوا شرح ماهية هذه الأشياء ولماذا تحركوا عبر السماء، أرادوا نماذج لشرح عالمهم. اختلف الجميع في ماهية الصورة الحقيقية للكون، هل الأرض هي مركز الكون وجميع هذه الأجسام السماوية تدور حوله؟ أم هي الشمس؟ والحقيقة هي لا هذا ولا ذاك، فالأرض تدور حول الشمس، والشمس تدور في مجرة درب التبانة، والذي تم اثباته علميًا.

هذا هو مسار تطوير النموذج، يتم البدء فيه كنظرية، ثم اثبات النظرية علميًا، إلى القدرة على محاكاة النموذج بقوانين الفيزياء.

كما طوّرنا نموذجنا العلمي للكون طيلة تاريخ البشرية عن طريق التلسكوبات والمهام الفضائية الاستكشافية.

يؤسفني اخبارك عزيزي القارئ أن جميع ما نستطيع رؤيته من الكون هو 5% فقط من مجموع الكتلة بالكون.

الــ 95% الأخرى هي مادة مظلمة (27%) وطاقة مظلمة (68%).

سيكون لنا حديث آخر عنالمادة المظلمة والطاقة المظلمة، لكن بمجرد التفكير أن كل ما نستطيع رؤيته هو 5% فقط من الكون يستدعي أن تعمل البشرية متحدة في عمليات استكشاف الفضاء العلمية لتفسير الكون.

تستهدف الهيئة السعودية للفضاء أن يكون لها دور فعال في هذه العمليات الاستكشافية وممكنا للأجيال للريادة، لما فیه خير للإنسان، تحقيقا لقول الله تعالى: (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [آل عمران: 191].

 

*الإدارة العامة لاستكشاف الفضاء

قطاع العمليات وبرامج الفضاء

الهيئة السعودية للفضاء