ثلاثة عقود مرت كسحابة طيف على أكبر جريمة ارتكبها عرب ضد جيران وأشقاء لهم … كانت مرحلة صدام حسين أسوأ كارثة عربية بعد مصيبة جمال عبد الناصر والاثنين كانا ذو نعرة فارغة وصلوا إلى سدة الحكم بقوة السلاح والزعرنه.
أفاقت الأمة ليلة الثاني من أغسطس من عام 1990 ميلادية على زوبعة وجبروت لا مبرر له سوى الطغيان الذي كان مارسه حزب يدعى البعث ضد جيرانه متهما إياهم بالرجعية تارة والسرقة تارة أخرى.
كنت وقتئذ في العشرينات من عمري ولازلت مشوش الأفكار بين القومية العربية الكاذبة وتغلغل زعامات عربية في شؤون دول جوار.
كانت كذبة القومية العربية منتشرة بين أواسط الشباب عموما وهي مغلفة بثوب وطن واحد من الخليج إلى المحيط فيما كانت الدسائس والمؤامرات تحاك من قيادات عواصم تلكم الكذبة.
لا أريد الاستعداء أو استعادة مواقف زعماء دول ضد وطني السعودية وبقية دول الخليج “حين كان خليجا واحدا متماسكا” لا تفرقه نزاعات خلقها البعض ممن يرى في نفسه زعامة فيما لا تتجاوز أرضه “مربض عنز” بيد أن الواقع المؤلم هو وجود فكر سوداوي ينمو في كل مرة تنتهجه العراق بأحزابها الكثيرة وسط صمت مطبق من قياداتها المتلاحقة ضد الكويت وأهلها .
حملت السلاح في الكويت ضد الغزو الصدامي المرعب الذي فتك بشعب آمن ودولة قائمة وشاركت مع ابن خالتي الشهيد بإذن الله علي بن سعد الشمري الضابط في قوة المغاوير الكويتية مع مقاومة الجهراء بحكم تواجدي بالكويت أثناء غزوها ولم يعد أمامي من بد سوى القتال أو الهروب مع من هرب.. لكني فضلت الأولى من باب الحمية أولا والقهر الذي تغلغل في نفسي من جريمة ترتكب باسم العروبة الفارغة.
كنت سعوديا بقلب كويتي لكن الأمر فاق تصورنا ولم يعد قتال جيش عرمرم في وجه فرق مجتهدة بأسلحة خفيفة وعدم خبرة في القتال ذا جدوى على أرض الواقع.
قضيت نحو أربعة أشهر بين قتال وهروب وتخفي حتى استشهد ابن خالتي وتمكنت من الفرار بعد سجن وصلت فيه إلى قرار الإعدام.
كانت الكويت مظلمة على غير العادة والشوارع شبه خاليه والناس تنائي بنفسها خشية القتل الوحشي الذي مارسه الحرس الجمهوري وتبعه الجيش العراقي مستأسدا على شعب اعزل.
وبعد أن عادت الكويت لأهلها تغيرت الأنفس واختلفت الموازين لم يعد الخليجي خليجيا وان لا عروبة تجمع كلمة ولا جامعة تصد معتدا أثيم.
تكالبت قيادات عربية علينا من أجل اقتسام كعكة ظنوها حلوة المذاق وسهلة الوصول فقسموا الخليج إلى إقطاعيات بينهم فاجتمعوا من غرب العرب وجنوبه وشماله وبأيديهم شوكة تهز خاصرة العروبة المقتولة أصلا على بوابة الفضح.
مارسوا في حقنا كل سوءات التنمر والتمرد في عواصمهم التي تخيلنها جزء منا.
بعد واحد وثلاثون عاما لم نستفد من درس صدام وبقية الشلة التي تساقطت الواحدة تلو الأخرى وبقي الخليج رغم انه غير متماسك تهزه رياح الطعن من أقرباء وعواصف الفتنة من أشقاء.
اليوم نحن أمام مفترق طرق عدة بعد وهن مجلس التعاون الخليجي وعدم تمكنه من لملمة مواجعنا يجب أن تكون هناك قرارات عزل وفصل العضو الفاسد الذي لا يزال ينمو للتفرقة وهو يتغشى بجلباب الإخوة فيما يتحين الفرصة تلو الأخرى للانقضاض على ما تبقى من ترابط يجمعنا كخليج واحد.
ولا نزال نحمل مسمى خليجي بلا عملة أو قوانين موحدة.
لم نعي كارثة صدام والكثير منا تسامح لكن يجب علينا أن نحذر فلا نزال بنظرهم “بصلة مأكولة مذمومة” فإن التهموا مسبقا جزء منا استعدناه بقوة السلاح وتحالف الأمم إلا إننا نخشى أن نعجز هذه المرة من حماية البقية خاصة وأنها تتمرد بين الفينة والأخرى.. فلا تجني على نفسها… براقش