قال رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبوزاهرة، إن سماء السعودية والوطن العربي ستشهد تقابل كوكب المشترى مع الشمس غدا الخميس، حيث سيكون قرصة مضاء بالكامل بنور الشمس وفي قمة لمعانه مقارنه بأي وقت آخر هذه السنة ويظل مرئيًا طوال الليل وسيكون القمر الأحدب المتزايد موجودا في السماء بالتزامن مع هذا الحدث.
سيكون كوكب الأرض بين الشمس والمشترى وستمثل ليلة التقابل منتصف أفضل وقت في السنة لرؤية هذا الكوكب إضافة إلى الليالي 21 و 22 أغسطس 2021، عندما يكون بالقرب من القمر.
سيشرق كوكب المشترى عند غروب الشمس حيث يرصد كنقطة بيضاء ساطعة للعين المجردة بالأفق الجنوبي الشرقي بداية الليل، وعند منتصف الليل يرصد باتجاه الأفق الجنوبي، وفي الفجر سيشاهد منخفضا باتجاه الأفق الجنوبي الغربي وهذه الحركة الظاهرية للكوكب في السماء نتيجة لدوران الأرض حول محورها من الغرب إلى الشرق وسيغيب الكوكب عند شروق الشمس.
كوكب المشتري سيكون في هذا التقابل على مسافة 600,4 مليون كيلومتر، أو 33.3 دقيقة ضوئية من الأرض، وسيتألق عند أقصى لمعان له (-2.88)، ونظرا لأن كوكب المشتري يقترب من الحضيض في يناير 2023، فسوف يكون قرصه بعرض رائع 49 ثانية قوسية في تقابل هذا العام.
عند رصد المشتري عبر التلسكوبات سيلاحظ أن غلافه الجوي ينقسم إلى عدة معالم واضحة تشمل أحزمة ملونه منتظمة بالتوازي مع خط استواء الكوكب، هذه الأحزمة تكونت من خلال الاختلافات في عتمة الغيوم نتيجة امتلاكها كميات متفاوتة من الأمونيا المتجمد فالأحزمة البراقة فيها تركيز أعلى من الأحزمة الداكنة ولذلك التركيز يحافظ على تلك الأحزمة منفصلة من خلال الرياح السريعة التي تصل سرعتها إلى ما يزيد على 650 كيلومتر بالساعة.
يعتبر أكثر الأشكال المميزة التي ترصد على المشتري هي العاصفة الضخمة والتي تسمى البقعة الحمراء العظيمة وهي كبيرة كفاية لتسقط بداخلها كوكب بحجم كوكبنا، وهي تعصف على المشتري منذ 150 سنه على الأقل.
عند رصد المشتري بواسطة منظار بقوة تكبير 7X او 10X مثبت على حامل يمكن إلقاء نظرة شاملة على الكوكب العملاق الغازي وأقماره الأربعة الكبيرة: غانميد، يوروبا، كاليستو، ايوا، التي غالبًا ما يكسف ويحجب بعضها البعض، ويلقي بظلاله الدائرية على الكوكب – منفردة وفي أزواج عند التقابل.
يحدث تقابل المشتري هذه العام بالقرب من زحل على قبة السماء وسيكون كل من المشتري وزحل أمام كوكبة الجدي ولكن يتفوق لمعان المشتري على زحل بنحو 18 مرة.
سيتميز هذا التقابل برؤية المشتري والزهرة في وقت واحد عند غسق المساء حيث سيرصد الزهرة بالأفق الغربي بعد غروب الشمس بينما المشتري بالأفق الشرقي كما لو كانوا يجلسون على طرفي أرجوحة في جانبين متقابلين من السماء ولكن سيحتاج الراصد الى أفق خالٍ من العوائق كالمباني في كلا الاتجاهين لرؤية الكوكبين في ذات الوقت في منظر دراماتيكي وكأنه من الخيال العلمي.
بعد ساعات سيصل المشتري إلى نقطة التقابل عند حوالي الساعة 03:00 صباح الجمعة بتوقيت السعودية (12:00 منتصف الليل بتوقيت غرينتش) وبعد خمس ساعات فقط سيكون المشتري في أقرب مسافة من الارض عند حوالي الساعة 08:00 صباحاً بتوقيت السعودية (05:00 صباحاً بتوقيت غرينتش).
تعتبر هذه فرصة للاستماع للعواصف الراديوية على المشتري باستخدام تلسكوب لاسلكي، تلك العواصف الراديوية ناتجة عن أشعة ليزر راديوية طبيعية في الغلاف المغناطيسي للكوكب والتي تتدفق بينما يدور حول محورة، ويمكن للتيارات الكهربائية المتدفقة بين الغلاف الجوي العلوي للمشتري والقمر البركاني آيو أن تعزز هذه الانبعاثات إلى مستويات يمكن اكتشافها بسهولة بواسطة هوائيات هواة الاتصالات اللاسلكية على الأرض بالتزامن مع تقابله وصوله إلى أقرب مسافة من كوكبنا.
بشكل عام يتكرر تقابل المشترى كل 13 شهرًا تقريبًا، وهو الوقت الذي تستغرقه الأرض للدوران مرة واحدة حول الشمس بالنسبة إلى المشتري، ونتيجة لذلك يحدث تقابل الكوكب متأخراً بشهر تقريبًا من كل عام.
المشترى ليس كوكبًا صخريًا مثل الأرض، إنه أشبه بنجم عاجز، ليس ضخمًا بدرجة أو ساخنًا بدرجة كافية في الداخل لإحداث تفاعلات اندماج نووي حراري، لكن كتلته تزيد بمقدار ضعفين ونصف عن جميع الكواكب الأخرى في نظامنا الشمسي مجتمعة، ولكي يصبح المشتري مثل النجوم يجب دمج حوالي 80 كوكبًا مثل المشتري ليكون ضخماً وساخناً بدرجة كافية لإحداث تفاعلات نووية حرارية.
لذلك في ليلة أغسطس هذه – عندما يشرق المشتري – يمكن تخيل كيف ستكون أرضنا إذا كان لدى المشتري كتلة كافية للتألق مثل النجوم!
يذكر أنه خلال الأسابيع بعد التقابل سيصل المشتري إلى أعلى نقطة في السماء مبكرا بأربع دقائق كل ليلة، وسيبقى الكوكب مرئيا في سماء المساء لبضعة أشهر قادمة.