بينما تمر بيروت بأزمة مالية، وصفها البنك الدولي بـ “أسوأ الأزمات في العصر الحديث”، تواصل الحكومات اللبنانية المتعاقبة وآخرها حكومة ميقاتي تصرفاتها الطائشة، والتي كان آخرها العداء مع دول الخليج، وبالأمس القريب أزمة “تحقيقات مرفأ بيروت”، ومن قبله أزمان تهريب المخدرات، فإلى أين يتجه لبنان بهذا الأداء الحكومي المتخاذل؟
شكلت الحكومة، التي يحاصرها الفشل سواء على المستوى المحلي أو الدولي، خلايا أزمة متعددة لحل الأزمات، لكن تلك الخلايا لم تلبث أن فشلت في تقديم المطلوب منها، لأنها ببساطة لم تضع في اعتبارها لا الظروف الداخلية للبلاد، ولا التحالفات الإقليمية. وفيما تتواصل الاتصالات سعيا لنزع فتيل الأزمة تلو الأزمة، إلا أن تصريحات جورج قرداحي الأخيرة، قد تكون القشة التي قد تحل حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الائتلافية.
وتعد هذه هي المرة الثانية التي تثير فيها تصريحات وزير لبناني غضباً خليجياً وتحديداً سعوديا، فلا تتعلم الحكومة اللبنانية من أخطائها أبدا، فبعد أن تقدم وزير الخارجية السابق شربل وهبة باستقالته من حكومة تصريف الأعمال في 19 أيار/مايو على خلفية تصريحات صحافية اعتبرتها الرياض “مشينة”، ما هوى بالحكومة ودعا لتشكيل أخرى ائتلافية، لم تلبث قليلا إلا وكررت أخطاء سابقتها، وهو ما قد يهدد باستقالة جديدة، قد تكون سببا في حل الحكومة مجددا.
وبالأمس القريب، كانت “تحقيقات مرفأ بيروت”، والتي خلفت مشاهد قتال في الشوارع، وأعادت للأذهان رعب “شبح الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت عام 1975″، والتي أتت بهدف عزل القاضي طارق البيطار من التحقيق في انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس 2020، لإيقاف التحقيق مع شخصيات بعينها، ما يسلط الضوء على غياب. استقلال القضاء في البلاد.
ومن قبلها، جاءت الأزمة المالية لتدفع الحكومة اللبنانية التي تشكّلت مؤخرًا إلى مفاوضات مع صندوق النقد الدولي وجهات أخرى للتوصل إلى خطة إنقاذ مالية، والتي تبدو حتى الآن بالنظر لوضع البلاد كمخاطرة نهايتها معروفة، وهي العجز عن سداد القرض، وهو الأمر الذي دفع البنك الدولي لوصف ما يحدث في لبنان بـ “أسوأ الأزمات في العصر الحديث”.
وبين هذا وذلك؛ وفي خضم انهيار الاقتصاد اللبناني وتخبُّط المؤسسات الحكومية من أجل البقاء، لا تزال معظم الأحزاب الطائفية تحتفظ بميليشيات، وخدمات صحية، وشبكات للرعاية الاجتماعية والمساعدات الإنسانية، ما يهدد بوجود دولة داخل الدولة، وهو الأمر الذي لم ولن تستطع الحكومة الحالية الاقتراب منه، والسبيل الوحيد للمضي قدمًا هو المطالبة بأطر مؤسسية مستقلة في لبنان، تكون متحررة من التعيينات السياسية على أسس طائفية. بحسب ما نشر مركز كارنيجي.
وبينما يعتقد بعض أعضاء الحكومة اللبنانية، المدعومين من جهات خارجية، أنه لا أزمة وراء رفض دول التعاون الخليجي التعامل معها؛ إلا أنهم لم يضعوا في الاعتبار أن الحكومات اللبنانية المتعاقبة فقدت ثقة المملكة، ما دفعها لوقف التعامل مع لبنان حتى على المستوى الاقتصادي، ما دفع دول خليجية أخرى لاتخاذ موقف مشابه، وهو الأمر الذي أضر بالاقتصاد اللبناني كثيرا في وقت يعاني فيه من أزمة مالية كارثية.
إضافة إلى العداء السياسي، لا تزال مشكلة تهريب المخدرات أحد أهم العواقب التي دفعت عدة دول لوقف الاستيراد من لبنان، في أزمة عجزت الحكومة عن حلها، بعد أن طالبت عدة دول وآخرها السعودية، لبنان، بتقديم ضمانات لوقف عمليات التهريب “الممنهجة”، والتي شملت البحرين والإمارات ومؤخرا الكويت.