«مخاوي الليل».. نموذج الفن والثقافة والأدب

من يعرف الفنان الكبير خالد عبدالرحمن و من عاصره من جيل أواخر الثمانينات وبداية التسعينات الميلادية يتذكر الكثير من التحولات الفنية والثقافية حتى اللغوية وكذلك تغير الكثير من المفردات الشبابية التي كانت تغرق في محليتها.

كانت اللهجات تتباين فلكل عائلة و قبيلة لهجاتها الخاصة التي تتخاطب بها في عاصمة كبيرة كالرياض والحواضر الأخرى في اتساع رقعة الوطن (القارة السعودية).

كان الفن هو أحد أبرز أدوات التقارب اللغوي والحضاري بين تلك اللهجات المتباينة، وكان الفنان خالد عبدالرحمن أحد تلك النماذج الشبابية التي خرجت من بطن الرياض، بعد ألم شديد من مراحل وألحان ولغة لم تكن تخاطب الجميع، ولم تكن تلبي احتياج الفن الذي يحاكي شباب ذلك الوقت.

«مخاوي الليل» كما يحب جمهوره أن يسميه لم يكن فقط مغني كغيره مهما عظمت إمكاناتهم و قدرتهم، هو بلا شك ظاهره صاحبت ذالك الزمن وسجلت حضوراً ملفتاً و معتبراً في جيل ذلك الزمن ويعيش معهم حتى هذا الوقت.

لم يكن الإنسان خالد أيقونة فنية فقط بل كان نموذجاً يعبر عن الفتى النجدي ابن العاصمة الممتلئ فنياً و شعرياً وإتيكيت.

فتأثيره على شباب تلك الفترة في طريقة اللبس وتغيير الكثير من موضات اللبس الدارجة بين الشباب والتي كانت متنوعة ومشتته و في كثير من الأحيان لا تنم عن جاذبية وأناقة.

تلك النماذج وحدها الفن أو الفنان ذاته، فكان الشباب يقلد الكثير من تفاصيله متماهياً مع معشوقهم فكان الشماغ و طريقة لبسته والثوب الحجازي أو السعودي والقلابات و غيرها الكثير من التفاصيل التي أثرت وارتقت وعايشت تلك المرحلة.

هذا الحديث أجزم أنه لا يميز تفاصيله إلا من عاش تلك الفترة، كان الكاسيت الفني أو التسجيلات الخاصة المهربة تملأ الاستديوهات والسيارات الشبابية.

أبو نايف الفنان أعطى رسالة أو نموذجا لم يكن موجوداً بين انعزال الفنان بفوقية وشعبيته وحفلاته البسيطة الى أسلوب جديد في الرقي و التواضع وممارسة الحياة بطريقة مختلفة، فكان صاحب رحلات الصيد والقنص بالطيور والبنادق و صاحب الكلمات الراقية المفهومة والتي تخاطب الوجدان وتحاكي العشاق من الشباب من الطرفين.

أجزم أن الكثير من تلك الأغاني لا زال يحيي ذاكرتنا بكل ماهو جميل، فكانت ثورة «صارحيني» و«بقايا جروح» والكثير من النزف العذب محطة من محطات الشباب التي نعتز بها و بمحفزها العذب ابو نايف.

  • كاتب و اعلامي سعودي