«الصلاة على النبي» تثير جدلاً في مصر.. قرار رسمي بترديدها بعد صلاة الجمعة.. ومعترضون: «بدعة»

حالة كبيرة من الجدل مُثارة في مصر حالياً، بعد صدور قرار رسمي من وزير الأوقاف (الجهة المسؤولة عن المساجد في البلاد)، الدكتور محمد مختار جمعة، بتخصيص 5 دقائق بعد صلاة ظهر الجمعة لـ«الصلاة على النبي».

مؤيدون: أمر إلهي ونبوي

ورحب كثير من المصريين بهذه الدعوة، باعتبار أن الصلاة على الرسول الكريم «أمر إلهي ونبوي»، مستدلين على ذلك بقول الله عز وجل: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا»، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من صلى عليّ صلاةُ صلى الله عليه بها عشرًا»، وكذلك قوله: «أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أكثركم عليّ صلاة».

معترضون: لا تمت للدين بأي صلة

بينما في المقابل اعترض عدد ليس بالقليل على هذه الدعوة، ودشنوا حملات على مواقع التواصل الاجتماعي، حثوا خلالها بعضهم البعض عل ترك المسجد فور انتهاء الصلاة مباشرة، بدعوى أن هذا التصرف يعد «بدعة لا تمت للدين بصلة».

واستدل هؤلاء على موقفهم بقول الإمام مالك: «من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة؛ فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة؛ لأن الله يقول: (اليوم أكملت لكم دينكم)؛ فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دين».

«الإفتاء» تحسم الجدل

ومع هذا الجدل المتصاعد، أصدرت دار الإفتاء المصرية بياناً لحسم الجدل، شددت فيه على أن «الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من أفضل الذِّكر وأقرب القربات وأعظم الطاعات»، مشيرة إلى قول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: {مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا}.

وأضافت: «ذِكر الله تعالى والصلاة على نبيِّه من العبادات المطلقة المشروعة في الأصل بدون تقييد؛ فتصح على كل هيئة وحال في أي وقت -إلا ما جاء النهي عنه- وكذلك تجوز سرًّا وجهرًا فرادى وجماعات بكل لفظ وصيغة مشروعة، والاجتماع على الذكر المشروع يعدُّ من قبيل التعاون على البر والتقوى، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}».

وعن احتجاج البعض على عدم مشروعية «الذِّكر الجماعي» بما جاء عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- ما يفيد النهي عن رفع الصوت بالذِّكر، بينت «الإفتاء» المصرية أن «هذا لا يصح عنه».

وأوضحت أن «ابن حجر الهيتمي قال في [الفتاوى الفقهية الكبرى 1/ 177]: وأما ما نُقل عن ابن مسعود أنه رأى قومًا يهللون برفع الصوت في المسجد فقال: ما أراكم إلا مبتدعين حتى أخرجهم من المسجد؛ فلم يصح عنه بل لم يَرِد».

وخلصت إلى أن «إيقاع تلك العبادة جهرًا بعد أي صلاة مكتوبة – فضلًا عن كونها صلاة جمعة - أمر مشروع ولا حرج فيه؛ فقد ورد الأمر الربَّانيُّ في الذِّكر عقب الصلاة مطلقًا في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا ٱللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء: 103]، والمُطْلَق يُؤْخَذُ على إطلاقه حتى يأتي ما يُقَيِّده في الشرع».