د. ناهد باشطح
إعلامية ومدربة في التشافي الذاتي، بدأت الصحافة عام 1985 وحصلت على ثلاث جوائز دولية في الإعلام
فاصلة:
” الملل ليس في حد ذاته إبداعاً، ولكن يمكنه أن يكون مصدراً للإبداع. فعندما نشعر بالملل نكون في حالة غير مريحة ويكون لدينا الدافع إلى البحث عن شيء آخر. وهنا، في هذا الدافع، توجد فرصة حقيقية لاكتشاف شيء جديد”
– جون إيستوود-
****************
في حكاية قديمة تؤرخ لبدايات ظهور الملل في حياة الانسان قبل حوالي أربعة آلاف سنة ، مكتوبة على ورق البردي في مصر الفرعونية، ذكرتها “مهى قمر الدين” في مقالة لها عن “المَلَل.. بين الشكوى والفلسفة والبحث في أصوله” أن رجلاً ملّ من الحياة وصعوباتها فقرَّر أن يقضي أيامه من دون أن يقوم بأي عمل أو أي حركة منتظراً الموت، إلى أن ظهر له أحد الحكماء وشجَّعه على التمتع بالحياة والبحث عن السعادة فيها.
حكاية هذا الرجل تشرح معنى الملل وأدوات الخروج من هذه الحالة التي لا يمكن لأي من البشر الادعاء بانه لم يعشها .
المدهش ان هناك أنواع عدة للملل يحصرها علم النفس في الآتي:
1- “الملل القياسي”، وهو شرود الذهن والاحساس بالفراغ
2- “الملل التفاعلي”، الشعور بالغضب من الشخص الذي أرغمك على أداء مهام رتيبة
3-“ملل البحث”، هو البحث عن أشياء تفعلها للتخلص من الملل،
4-“ملل اللامبالاة”، الشعور بالراحة في العزلة عن الناس
5- “ملل عدم الاكتراث”، عدم وضوح الشعور والعجز عن التخلص من هذا الملل.
ويبقى الملل أصعب من أي حالة أخرى فقد اكتشفت دراسة أمريكية نفذتها عام 2014 احد الجامعات على مجموعة من الأشخاص تُركو بمفردهم في غرفة بيضاء هادئة لا يوجد فيها أي شيء سوى زر واحد كانوا يعلمون أنه في حال ضغطوا عليه سيصيبهم بصدمة كهربائية، أن نحو 25% من المشاركات و67 % من المشاركين، عندما تركوا لمدة 15 دقيقة فقط بمفردهم بجوار صواعق كهربائية ،كانوا يصعقون أنفسهم عمدا من باب التسلية وصعق أحدهم نفسه نحو 200 مرة.
هذا يعني أن الأشخاص يمكن أن يفعلوا أي شيء لكسر جمود حالة الملل
نعم فالملل شعور غامض ومؤلم، لكنه يظل شعور ينتج عن أفكارنا ولذلك تتفاوت القدرة على احتمال المهام الرتيبة من شخص لآخر وما تشعره أنت يجلب الملل قد يسعد شخص آخر!! لذلك يقول “جيمس دانكيرت”، رئيس مختبر الملل بجامعة ووترلو بأونتاريو: “أعتقد أن جميع الناس يشعرون بالملل، لكن البعض لديهم قدرة مدهشة على التعامل معه”.
لكن السؤال الأهم الذي يبحث فيه “دانكيرت” هو ما إن كانت القابلية للإصابة بالملل تكتسب من البيئة أم إنها تنتقل بالوراثة؟
في كل الأحوال برأيي ان المكافح الأكيد للملل هو الإنجاز لأنه لا شيء يجعلك سعيداُ الا شعورك بالإنجاز حتى لفعلك أبسط الأشياء التي تحب ولا شئ يقتلك الا شعورك باللاجدوى وان كنت في قمة النجاح.