الوعي الذاتي الفكري

يُعتبر الوعي الذاتي الفكري من أهم  ما يُسهم في تكوين واقع حياة المجتمعات البشرية بل ويقيس مدى تطورها وتقدمها وتعزيز درجات وعيها بجميع أنواعه (المجتمعي, الاقتصادي, الديني, السياسي.. الخ) ، وذلك بناءً على ما ميز الله - سبحانه وتعالى– الإنسان بالعقل والتفكير السليم, وجعله يفكر في اختيار مستقبله، والعمل الذي يرغبه، ونوع الدراسة التي يميل إليها، ومحاولة إثبات الذات. كل ذلك ينبع من فكره ومستوى وعيه وشعوره بقيمته وبذاته والمحيط الذي يعيش فيه.

والإنسان يمتلك من المرتكزات الفكرية والصور الذهنية والمفاهيم الذاتية, ما يساعده في  تكوين رؤيته الكونية وصياغة أسسه المعرفية وزيادة وعيه الفكري بما يُسهم في توجيه دوافعه وتنظيم مساعيه وتوظيف كافة سلوكه وتصرفاته وجميع شؤونه فيما يحقق له المناعة الفكرية وكشف التصرفات الخاطئة والتوجهات المتطرفة.

ويُعد الوعي الفكري عملية منظمة ومدروسة تستهدف تغيير اتجاهات الفرد والجماعة وآرائهم وأفكارهم ومواقفهم بالنسبة إلى قضية من القضايا، وترشدهم إلى حقيقة المواقف والظواهر المحيطة بهم، ومن ثم تمكينهم من التفاعل والتعامل معها بيقظة وفهم كاملين, وبالتالي يُعرف بأنه امتلاك القدرة اللازمة على التصدي للعقائد الباطلة والأفكار المتطرفة وكشف العمليات الفكرية للجماعات الدينية المتطرفة وأهدافها التحريضية، والقدرة على مواجهتها ومكافحتها بما يضمن تحقيق الأمن الفكري لتلك المجتمعات وعدم اختراقها.

وللوعي الفكري مستويين تتمثل في الآتي:

أولاً: الوعي العفوي التلقائي: ويعتبر خاصية جوهرية تميز الإنسان عن باقي الأشياء والكائنات الأخرى. فالوعي يصاحب كل أفعال الإنسان وأفكاره، وهو الذي يكون أساس القيام بنشاط معين، دون أن يتطلب مجهود ذهني كبير.

ثانياً: الوعي الوقائي المكتسب: وهو القدرة على الإدراك الصحيح للأمور ومعرفة المحاذير والاشتراطات الأمنية وتجاوز مرحلة المعرفة إلى الفعل والمشاركة الفاعلة بالابتعاد عن مواطن الزلل، والتبليغ عن المخلين بالأمن، واســتهجان الجريمة والمجرمين, ويكون تعميق مستوى الوعي الوقائي فيه من خلال المحاضرات التوعوية والمقابلات الحوارية والدورات التثقيفية المقرونة بالتدريب، وعبر التوسع في الأنشطة والفعاليات الرامية إلى تحقيق مضامين وأبعاد الحصانة الفكرية لكافة المجتمعات.

إن نشر ثقافة الوعي أحد أهم أوجه الأعمال التطوعية التي لم يتنبه لها أحد ولو برسالة جوال، أو تقنية «الواتساب» في الأجهزة الحديثة، أو أدوات التواصل الالكترونية كـ (تويتر, فيسبوك, سناب شات, وتوك تاك, أو أي وسيلة اتصال مناسبة. وإن قيام مجموعة من الشباب الطموح بنشر رسائل الوعي في محيطهم الإجتماعي من خلال تلك الوسائل ومن فكرة صغيرة واعية يمكن أن يتحقق وعي كبير, خاصة مع الثورة المعلوماتية وسهولة تداول المعلومات والرسائل.

وفي الختام: إن من أهم وابرز الأعمال التطوعية في وقتنا الحاضر نشر ثقافة الوعي بين أفراد المجتمع من جميع الجوانب لترسيخ وتعزيز الشراكة المجتمعية في جميع المجالات فالمواطن البار لوطنه هو طبيب, ومهندس, ورجل امن, ومعلم, ومربي, وواعظ.. الخ بقيد أو إطلاق وهذا القيد هو إشراف الجهات ذات العلاقة بكل فن, فالعمل التطوعي في الجانب الأمني يتطلب إشراف الأجهزة الأمنية, والجانب الطبي الجهات الصحية وهكذا  في بقية التخصصات.

يقول أحد الأدباء : (وجود الألم أو عدم وجوده يتوقف على حاله الوعي).

((حمى الله بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكايدين وحسد الحاسدين))