د. سالم اليامي
مستشار سابق بوزار الخارجية، كاتب وباحث في العلاقات الدولية. كاتب رأي في الصحافة الوطنية منذ 2012
قد يسأل البعض هل هناك علاقة بين الرياضة والسياسة تبعاً لعنوان هذا المقال، وفي تقديري الشخصي كل العلاقات التي تنشأ بين الوحدات السياسية ” الدول” تكون في شتى المجالات، وفي الغالب تكون أو تبدأ العلاقات بين وحدتين سياسيتين بالأمور المهمة، أي المناحي السياسية، والاقتصادية، والأمنية.
وهناك في أدبيات العلاقات الدولية ما يسمى بالمناكب أو المسارات الثانوية التي منها أنواع العلاقات التي يمكن أن تنشأ بين دولتين ومنها الثقافي، والفني ، والرياضي وخلافة. والعلاقات السعودية التركية قديمة ومهمة للجانبين السعودي والتركي، يؤكد هذه الأهمية طبيعة التحالفات، والصراعات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على المستويات السياسية والأمنية.
وفكرة السوبر التي كما فهمتها قيام مبارتين بين فريقين تركيين في مدينة الرياض ضمن فعاليات موسم الرياض لهذا العام ٢٠٢٣م. تأتي في سياق العلاقات بين البلدين ولكن في المسار الثانوي، وعزز أهمية هذه العلاقة عند الناس أنها جوهر العلاقة مرتبط بالبعد الجماهيري لكرة القدم في المملكة، وفي تركيا وفي أماكن أخرى من العالم تهتم بالرياضة كونها رياضة ، ومتعة، وترفيه، وعلاقات يؤمل منها أن ترفد، وتدعم، وتقوي مسارات العلاقات الأخرى ببين الجانبين.
مما يدل على حُسن النوايا بين الجانبين السعودي والتركي، وآنا هنا أُحلل بناء على الوقائع، وسير الأحداث، أن اللقاء الكوري لم يقع إلغاؤه إلا في اللحظات الأخيرة، هذا يؤكد أن الجانب السعودي على الأقل كان واضح في مرحلة الترتيبات واللقاءات الأولية وعرض كل محددات التعاون في هذا المحال وبما يتسق والقوانين والأعراف الدولية التي تنظم مثل هذه اللقاءات، والتي من أبسطها أن كورة القدم رابطة ممكن أن تقرب بين الجماهير والشعوب في الدول الصديقة، ولن بدون تحميل هذا النشاط الإنساني أي رمزيات سياسية قد تكون في جوهرها محل خلاف بين الجماهير أنفسهم، وبين الوحدات السياسية ذاتها.
اللقاء الموروث الذي ألغي مجرد الاعلان عن قرار الجانب السعودي بالغاء المقابلة اكتسب اهمية ربما تفوق الأهمية التي كان يمكن أن يحصل عليها اللقاء عند الجماهير لو أن المبارة تمت، ولو أن الأمور سارت بشكل طبيعي.
السؤال الذي يُطرح في هذا الفضاء هو العلاقات السياسية السعودية التركية كيف ستتأثر بما حدث، وكيف سيكون التأثير من حيث ايجابيته، أو سلبيته.
في التقدير الأغلب أن العلاقات السياسية بين الجانبين السعودي، والتركي لن تتأثر سلباً بهذه الحادثة لعدة معطيات، منها أولاً آن العلاقات الجيدة بين الجانبين يمكن وصفها بأنها تمر بما يمكن أن نسميه بمرحلة التعافي، أو النقاهة، ومن غير المتوقع التصعيد السياسي بسبب هذه الحادثة الذي قد يعيك العلاقات إلى منطقة غير محببة للجانبين، من ناحية أخرى فعمق العلاقات وأهميتها للجانبين السعودي، والتركي في هذه المرحلة تجعل من أي موقف مثل الذي حدث موقف خلاف طارئ في وجهات النظر يمكن تجاوزه دون تأثير على العلاقات المهمة بين الجانبين.