الدكتور أيمن الرقب – أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس
ترحيب دولي كبير بقرار مجلس الأمن الداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة بين إسرائيل و”حماس”، بينما امتنعت واشنطن عن التصويت، وصوّت الأعضاء الأربعة عشر الآخرون لصالح القرار، الذي اقترحه الأعضاء العشرة المنتخبون بالمجلس.
قرار مجلس الأمن الذي صدر، قرار مهم، لكنه غير مكتمل الأركان؛ وأهم تلك الأركان أنه لم يستند إلى الفصل السابع، وبالتالي هو غير ملزم للاحتلال الإسرائيلي.
خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، صدر الكثير من قرارات مجلس الأمن التي تتحدّث عن هدن إنسانية وزيادة المساعدات لقطاع غزة، لكن لم يلتزم بها الاحتلال الإسرائيلي، وما زالت الحرب موسّعة ضد الشعب الفلسطيني.
القرار لم يتحدّث عن الأسرى الفلسطينيين، لكنه يتحدّث فقط عن الأسرى الإسرائيليين وضرورة إطلاق سراحهم، إضافة إلى إنهاء الصراع بطريقة سياسية للوصول لقيام دولة فلسطينية، لكن رغم كل ذلك، فإن إيجابية هذا القرار تتمثّل في عزلة للاحتلال الإسرائيلي ولمن يدعمه ويؤيّده في عملية القتل الجماعي ضد الشعب الفلسطيني، ويذكِّر أن العالم سئم من الاحتلال.
الرسائل التي خرجت من تل أبيب تتحدّث عن أن هذا القرار سيفشل مفاوضات الهدنة في الدوحة، والأخيرة أكدت اليوم أن هناك نقاشات في الأمور الفنية وترتيبات، وبالتالي حتى هذه اللحظة لم يغلق الباب بشكل كامل، فبيان قرار مجلس الأمن يعد تشجيعا لإنهاء هذه الحرب وتشجيعا للمفاوضين في الدوحة، لكن الاحتلال نفى ذلك.
المفاوضات ما زالت مستمرّة، وصحيح أن التصريحات التي أتت من تل أبيب كانت تتحدّث عن رفضها لهذا القرار وأنها ستستمر في الحرب على غزة، لكن أنا أعتقد أن هذا القرار سيمثّل ضغطا على الاحتلال الإسرائيلي ويعريه بشكل كامل ويضعه في زاوية إدانته بشكل كبير جدا، خاصة أننا ننتظر قرار محكمة العدل الدولية في الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا، وقد تكون هناك إدانة أكثر للاحتلال وكل مَن سيوفّر دعما للاحتلال.
على مَن يدعم الاحتلال الخشية من تنفيذ صفقات أسلحة سرية، خاصة أن هناك أكثر من 100 صفقة تمت بين واشنطن وتل أبيب بشكل سري، بهدف توفير ذخائر ودعم للاحتلال الإسرائيلي، ونحن ندرك أن الاحتلال الذي يهدّد باجتياح رفح إذا تم وقف وصول الأسلحة له وتدفقها فإنه لا يستطيع أن يقدِم على تلك الخطوة، وبالتالي الخشية من العمليات السرية التي تتم لدعم الاحتلال الإسرائيلي بعيدا عما يتم إعلاميا من توتر العلاقات بين تل أبيب وواشنطن.