كيف كانت تبدو منطقة ما قبل ألف عام؟ هكذا تثير الرغبة في الإبحار عبر الزمن في نفوس البشر منذ زمن بعيد. إلا أن الناس في عام 3023 سيمكنهم فعل ذلك بسهولة والنظر إلى ما صورة عنا نحن سكان اليوم، بفضل مشروع فني علمي جديد، أطلق عليه اسم “كاميرا الألفية”، الذي سيأخذ صورة فائقة الطول للصحراء في أريزونا.
المشروع، الذي يعتبر فكرة جوناثان كيتس، الفيلسوف التجريبي في كلية الفنون الجميلة بجامعة أريزونا، يُعد تجربة مثيرة للاهتمام في هذا الشأن. إذ ستلتقط الكاميرا صورة بطيئة التعرض للضوء على مدى ألف عام كاملة، ما يقدم لسكان توكسون، أريزونا في الولايات المستحدة كبسولة زمنية للتغييرات والثوابت التي تعرضت لها هذه المنطقة طوال ألف عام.
صُممت كاميرا الألفية الجديدة المثقوبة، وفقًا لتصميم الكاميرات الأول الذي تم اختراعه من قبل قرابة ألف عام، وهي تعتمد في تصميمها على أسطوانة نحاسية تحتوي على صفيحة رقيقة من الذهب عيار 24 قيراطًا في أحد طرفيها، حيث تم ثقب ثقب صغير، ليدخل ضوء الشمس من خلال هذه الفتحة وينير سطحًا حساسًا للضوء في الخلف، والذي طلي بطبقات رقيقة متعددة من صبغة الطلاء الزيتي.
تم تثبيت كل شيء على عمود فولاذي فوق الصحراء في أريزونا. والفكرة هي أن التعرض للضوء المتحكم فيه سيتلاشى ببطء لتظهر الصبغة بدرجات مختلفة، فالمناطق الأكثر قتامة مثل الجبال ستتلاشى بشكل أبطأ من المناطق الأكثر إشراقًا مثل السماء. وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، ستكون النتيجة النهائية صورة تعريض ضوئي لمدة ألف عام.
بالطبع، سيكون هناك الكثير من الحركة في الإطار على مدى 10 قرون، لذلك سيتطلب الأمر بعض التحديق من البشر المستقبليين. ولكن “كيتس” يقول إن هذا جزء من الجمال، فالعناصر الأكثر استقرارًا، مثل المناظر الطبيعية، ستظل موجودة بحدة، بينما ستكون الأشياء المتغيرة، مثل المباني، شفافة جزئيًا، اعتمادًا على مدى زمن وجودها هناك. إنه نوع من التعبير عن عدم استقرار الإنسان في المكان.
ويقول كيتس: “لنأخذ حالة دراماتيكية حقًا حيث يتم إزالة جميع المساكن بعد 500 عام في المستقبل. ما سيحدث بعد ذلك هو أن الجبال ستكون صافية وحادة وغير شفافة، وسيكون السكن شبحيًا. سيتم فرض كل التغيير على صورة واحدة يمكن إعادة بناؤها طبقة تلو الأخرى من حيث تفسير الصورة النهائية”.
كل هذا، بالطبع، يعتمد على استمرار ثبات الكاميرا حتى القرن الواحد والثلاثين. إنها فترة طويلة قد تشهد كارثة طبيعية أو شخص ما يكتب نهاية هذه الأسطوانة النحاسية بالتدمير. وقد ينقرض الإنسان، وحتى لو نجت، فقد يضيع الهدف الأصلي للتجربة ببساطة مع مرور الوقت، تاركًا لأحفادنا البعيدين المعاناة مع تفسير صورة لن تكون بالجودة نفسها التي سيبدو عليها المستقبل.
الآن، تم تثبيت كاميرا الألفية بالقرب من مقعد على ممر المشي الطويل في تل توماموك في أريزونا، إلى جوار لافتة تشرح الغرض منه. بينما يمكن للزوار النظر إلى الوادي أثناء تمددهم واحتساء الماء، والتساؤل عن كيف سيكون شكل المنظر في عام 3023.