تسهم خطابات تنمية الذات في تحفيز البعض على الإنجاز وتحقيق الآمال على المستويات الشخصية والمهنية، لكن يبدو أن بعض الشعارات التي تنطلق تحت عباءة تنمية الذات مستحيلة التطبيق على أرض الواقع أو قد تنتزع من الإنسان إنسانيته، وفق ما ترى كوثر الأربش.
شعارات مثل “حب ذاتك”، “أنت الأهم” و”لا تقدم تنازلات مقابل كرامتك” تعتقد الكاتبة كوثر الأربش اعتقادًا جازمًا أنها مستحيلة التطبيق لأنها مصممة لربوتات وليس لبشر تميز عن كل المخلوقات بالوعي الشعوري.
وتقول في تدوينة عبر حسابها في منصة “إكس”: “حاولت مراراً تقبل شعارات المرحلة.. لن أنكر أني حاولت تجربتها، لأني تجريبية في الأصل، لكنها لم تأتِ على مقاس قيمي في الحياة”.
وتضيف متعجبة: “تخيّل أننا استطعنا صناعة روبوت بعقل يتفوق على العقل البشري وعجزنا عن جعله يشعر! لا فرح، لا خجل لا حزن. حتى لو تم تعبئته بالخوارميات اللازمة”.
وتتابع: “يسعى خطاب تنمية الذات اليوم لتشويه بشريتنا، التي تمتلك قطبين (القوة والضعف)، فبتلك العبارات غير القابلة للتطبيق يريدون تأليهك، سلبك جمال براءتك، نعومة الضعف الذي يجعلك معطاء وكريما و نابضا، بحيث تصبح صنمياً ويتحول كل شيء من حولك مجرد نجوم صغيرة خافتة تحوم حول مصالحك، سعادتك، راحتك، رفاهيتك ورضاك”.
وتمضي قائلة: “حتى الأمومة أصبحت بمفهوم هذا الخطاب الخيالي مجرد مرتبة في الأسرة، وعلى الأم ألا تتنازل عن نومها من أجل إطعام الصغير أو تسليته. وعليه أن يركض للنضج والاستقلالية ليخدم نفسه. الصديق عليه ألا يعطي صديقه إلا بمقدار ما يأخذ منه. والزوج والزوجة تبدد الإطار الجميل الذي مزجهما في كيان واحد وأصبح كل منهم في فلكِ يسبحان! خصوصيتي أهم، راحتي أهم، مشاعري أهم”.
وتختم تدوينتها: “وفي النهاية، حين يطرد كل أولئك الذي أطلق عليهم (فقهاء الذات) سلبيين، يجد الفرد نفسه وحيداً محاطاً بآخرين برغماتيين مثله، مجرد رقم في سجل اتصالاته يمكن حذفه بحركه إصبع!.. أرى بعد هذا كله أن الاعتراف بوجود اؤلئك الأشخاص من حولنا الذين نريد أن نهبهم دون توقف، هذا الشعور من العطاء الذي يثريك ويزيدك نماء. وهنا يكمن التوازن. أن تعطي وتعطي وتغلق أذنيك عن كل من يخبرك أنك مغبون إن لم تأخذ بالمقابل. لأن الإنسان الكبير في ذاته العطاء يثريه ويزيده طولاً وكرامة”.