تركي حمدان
شاعر وكاتب سعودي. عمل صحفياً ومحرراً في عدة مؤسسات إعلامية. صدر له ديوان “موسيقى”
في خضم المعارك “الغبية” التي تشهدها منصة X بشكل يكاد يكون روتينياً بين مغردين من دول شقيقة وبين بعض المغردين من بلادنا، أجد بأن هناك ضرورة للتنبيه على حقيقة من الواجب على كل من يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي إدراكها والوقوف عندها:
إن ما نراه من “هجوم” مغردين من الأشقاء في هذه الدولة أو تلك هو في غالبه الأعظم يبدأ من خارج دول مجلس التعاون عبر لجان منظمة تتبع -كما أكد الصحفي الاستقصائي البارز الأستاذ حسين الغاوي- لأجهزة استخبارات معروفة، غرضها بث الفرقة بيننا نحن الأشقاء وشيطنة المغرد السعودي والخليجي بشكلٍ عام هذا من ناحية ومن ناحية أخرى إشغالنا -وهنا أتحدث عن مجتمعنا السعودي – عن هدفنا الأساسي وهو المشاركة الفاعلة في مسيرة التطوير العظيمة التي لم يشهد له التاريخ مثيلاً من قبل؛ يقودها أميرنا الملهِم محمد بن سلمان. وهذا الكلام ليس إنشائياً بل هو دقيقٌ في وصفه: نعم، نحن نعيش مرحلة غير مسبوقة تحمل من التغيرات الإيجابية ما يكاد أن يكون جذرياً وقفزات حضارية متتالية أثارت وما تزال حفيظة كثيرٍ من الأنظمة والتنظيمات التي لم تقف مكتوفة الأيدي بل جندت كل وسيلة تملكها سياسيةً وعسكريةً واستخباريةً واقتصاديةً في سبيل إيقاف مسيرتنا، وفشلت وستفشل بإذن الله وبفضله ثم بفضل قيادةٍ حكيمة شجاعة أبهرت العالم بمدى تنظيمها وقدرتها على العمل وفي نفس الوقت على عدة جهات وجبهات من دون أن يمس ذلك أو يعرقل مسيرة النماء التي لم ولن تتوقف بإذن الله.
نحن مستهدفون، علينا أن ندرك ذلك، وكذلك فأنه من الطبيعي أن نشعر بالاستياء مدفوعين بغيرتنا الوطنية عندما نجد من يسيء إلى بلادنا أياً كان هذا المسيئ ولكن علينا أن نتذكر كلما شاهدنا تغريدةً ينسب كاتبها نفسه إلى إحدى الدول الشقيقة ويهاجمنا عبرها أنه إما أنه ليس كما نسب نفسه أو أنه كذلك إلا أنه في النهاية لا يعبر -هو ومن سار مساره من حمقى أو مؤدلجين- عن حقيقة مجتمعه بل هو ومن معه ليسوا سوى حالات معزولة ومرفوضة حتى في داخل مجتمعها. لذا فمن الواجب علينا أن لا نلقي بالاً له وأن لا نسعده بالتفاعل معه متذكرين أن المجتمعات في دولنا الشقيقة لا تكن لنا إلا ذات المشاعر التي نحملها تجاههم وهي المحبة الصادقة والاحترام الكبير الذين توجبهما صلاتنا التاريخية السياسية والشعبية ذات العمق الكبير.
بالطبع هناك استثناء واحد فقط يخص الرد على أصحاب الحسابات المؤثرة “المؤثرة فقط” حين يحاولون تقديم معلومات مضللة عن بلادنا وهؤلاء يكون الرد عليهم بالمعلومة وأعتقد أن هناك عدد من المغردين السعوديين البارزين ممن أثبتوا قدرتهم وبراعتهم على تبيان الحقائق ولجم كل مضلل من دون الانجرار إلى مهاتراتٍ إن لم تضر فلن تنفع.
وهنا استطراداً أجده ذا علاقة لابد من التأكيد وبشدة على أن التحذير من خطورة الانسياق في مشاريع الآخرين ثم الدخول في معارك تويترية ضد أشقائنا، كما هو أمرٌ يستوجبه ترفع الإنسان عن توافه الأمور وكذلك تستوجبه العلاقة الوثيقة التي تربطنا مع أشقائنا، فإنه -أي التحذير- يذكرنا بقاعدة أساسية ودائمة يجب أن لا تغيب أبداً عن أذهاننا وهي أن إعلان العداء لدولةٍ أو نظام، واستخدام أي وسيلة إعلامية بما فيها برامج التواصل الاجتماعي في مهاجمة تلك الدولة أو ذلك النظام ليس حقاً لأي أحد، بل أنه مدانٌ وغير مبرر على الإطلاق؛ وهنا أقتبس من حديثٍ مهم للدكتور منصور الشمري الأمين العام لمركز اعتدال:” إنَّ مهمة تحديد العدو وتمييزه بدقة في خضم المواجهات، هي ما يميّز الاستراتيجيات الناجحة في إدارة الأزمات، وهي مهمة تُناط بها الدولة وحدها، ولا يصحُّ ولا يمكن أن ينافسها فيها أي طرف آخر، وبهذا فإنَّ العدو الوحيد هو ذلك الذي تحدّده الدولة على أساس نسق أمنها ومصالحها، وفي حياد عن الانفعالات، فليس من المُتاح لأحد أن يُدرك على وجه الدقة، وفي الوقت المناسب، الفواصل الحقيقية بين العدو والصديق في شأن المصالح والمفاسد للدولة إلا الدولة ذاتها”.
أخيراً:
لا شيء على الإطلاق يعادل مكانة الوطن ومحبته في قلوبنا، لكن علينا أن نعي بأن الانفعالات الغاضبة لا تنتج أبداً قراراتٍ صائبة.