منزل فلسطيني دمره الاحتلال الإسرائيلي أربع مرات يتحول إلى رمز للنزاع

شهدت المواطنة الفلسطينية لطيفة ناجي أبو حميد الأسبوع الماضي هدم السلطات الإسرائيلية لمنزلها للمرة الرابعة اقتصاصا من أبنائها الستة القابعين في السجن بتهم تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية، ما حوّل المنزل الواقع في الضفة الغربية المحتلة الى رمز في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي الطويل.

ونفذت السلطات الإسرائيلية قبل أسبوع آخر عملية هدم للمنزل الذي يقع في مخيم الأمعري للاجئين الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية، والمؤلف من طابقين، بعد أشهر على اعتراف إسلام أبو حميد بمسؤوليته عن مقتل جندي إسرائيلي خلال تنفيذ الجيش عملية اعتقال في المخيم.

ونشر الجيش الإسرائيلي قبل أشهر مقطع فيديو يظهر فيه إسلام وهو يعيد تمثيل العملية، فيبدو وهو يلقي قطعة من الطوب باتجاه الجندي مصيبا غياه إصابة قاتلة.

وتصف مؤسسات حقوقية هدم منازل الفلسطينيين المتهمين بتنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية ب"العقاب الجماعي".

وتقول أم ناصر أبو حميد: "لا توجد أمّ تحبّ أن يعيش أبناؤها بعيدين عنها لكن هذه طريقهم وهم اختاروها (...) سياسة العقاب الجماعي تزيد الأهل قوة وثبات".

وتجلس لطيفة (71 عاما) الملقبة بـ "خنساء فلسطين" في منزلها الجديد الذي تم استئجاره على نفقة الرئيس الفلسطيني محمود عباس تحيط بها هدايا ومجسمات خشبية قدمتها لها المؤسسات والتنظيمات الفلسطينية التي زارتها في المنزل.

وتقول أم ناصر "البيت فيه ذكريات طفولة أبنائي، لكن حجارة البيت ليست أغلى منهم ولا من أرضنا ووطننا ومقدساتنا، البيت سيعاد بناؤه، وأنا لن أبكي على حجارة تم هدمها".

وتضيف "كل بيت فيه أسير وكل بيت فيه شهيد، لكن بالنسبة لنا وجود خمسة أبناء محكومين مدى الحياة، وسادس محكوم إداريا يجعل معاناتنا أكبر من غيرنا قليلا".

ويعيش في مخيم الأمعري نحو ستة آلاف فلسطيني، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، وشهد في الماضي اشتباكات عنيفة خلال عمليات دهم إسرائيلية.

في العام 1994، فقدت أم ناصر ابنها عبد المنعم الذي كان ينتمي لحركة حماس الإسلامية الذي قتل في عملية إسرائيلية.
ويمضي أبناء أم ناصر "ناصر وشريف ونصر ومحمد" الذين اعتقلوا جميعهم في العام 2002 أحكاما بالسجن لمدى الحياة بعد اعترافهم بتنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية.

بينما ابنها جهاد موقوف إداريا لمدة غير محددة ويجري التحقيق معه في ملف أمني لم تعرف تفاصيله، بينما لم يصدر الحكم النهائي في قضية إسلام.

وينتمي أبناء لطيفة الستة إلى حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وامتلأت الغرفة الرئيسية في منزلها الجديد بصور أبنائها العشرة وزوجها المتوفى.

وتذكر لطيفة أن ضابطا إسرائيليا اتصل بها قبل هدم المنزل بأيام، وأبلغها بعدم حقتها بالبناء على قطعة الأرض، لأن قطعة الأرض مصادرة.

وأكد الجيش الإسرائيلي أن عملية الهدم حصلت وفقا للوائح التي تقول إن "حقوق المنزل أو العقار تنقل إلى القيادة العسكرية" بعد هدمه، وأن "استخدام الأرض أو البناء عليها محظور".

وقال الجيش إن "عملية البناء بدأت على الرغم من أن الأمر ساري المفعول، فأعيد هدم المنزل".

وتبدي أم ناصر استغرابها كون "البيت مقام على أرض مخيم للاجئين وفي وسط منطقة تابعة للسلطة الفلسطينية. بأي حق يقومون بمصادرته؟".

وزار رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أم ناصر الأسبوع الماضي بعد عملية الهدم وأخبرها بأن الرئيس محمود عباس قد أمر بإعادة بناء المنزل. وأكدت لطيفة ذلك، مشيرة إلى تبرع جهات فلسطينية أخرى أيضا بالمال اللازم لإعادة البناء.

واحتلت إسرائيل عام 1967 الضفة الغربية حيث يعيش نحو 400 ألف إسرائيلي في مستوطنات مبنية على أراضي الفلسطينيين الذين يبلغ تعدادهم 3 مليون نسمة.

بحسب مؤسسة "الحق"، وهي جمعية فلسطينية للدفاع عن حقوق الإنسان، هدمت إسرائيل خلال العام الحالي 126 منزلا لفلسطينيين، بينها ستة منازل لمتهمين بتنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية.

ويقول مدير البرامج في المؤسسة تحسين عليان: "هدم منزل عائلة أبو حميد يأتي في سياق سياسة إسرائيلية ممنهجة تشارك فيها جميع أذرع دولة إسرائيل ( الكنيست، الحكومة، المحكمة العليا)".

ويضيف عليان "كل هؤلاء يشاركون في هذه الجريمة التي تهدف إلى خلق وقائع على الأرض بحيث يجبر الفلسطيني على ترك مكان سكنه كي يتم استبداله بالمستوطنين".

ويرى أن عمليات الهدم "عقوبات جماعية محظورة"، وسواء نفذت بقصد الردع أو لأسباب إدارية، فهي "تدمير لممتلكات خاصة غير مبرر للضرورة الحربية ويشكل جريمة حرب وفقا للقانون الدولي".

وحول قرار مصادرة الأرض التي يقع عليها المنزل، تقول "الحق" إن هذا الإجراء هدفه "تشديد العقوبة، وهذه عقوبة جماعية تسعى دولة الاحتلال من وراء ذلك إلى توجيه رسالة ليس للعائلة هذه فقط، وإنما إلى جميع من يشارك في أعمال المقاومة بأن لا تشارك وإلا ستواجه نفس المصير".

ويدعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو سياسة تدمير المنازل التي تشكل عاملا رادعا بحسب قوله، خصوصا، للعمليات الانتحارية.

وقال في 2014 إن منفذي هذه العمليات "لا يأبهون فعلا بالموت، لكنهم يهتمون عندما يعرفون أن (...) منزلهم سيغلق أو يدمر".