أعمدة الرأي: التغريب في بيتك يا شيخ!

الرياض-الوئام:

تطرق كتاب الأعمدة في الصحف السعودية الصادرة اليوم الخميس للعديد من القضايا الهامة على الشارع السعودي حيث تناول الكاتب بصحيفة عكاظ محمد الحربي فضيحة اختفاء ملايين الريالات من حملة غير رسمية لدعم الشعب السوري وتناقلتها مواقع إلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي  وقامت بها جمعية معروفة وشهودها دعاة بارزون من المملكة، كانوا قد زكوا الجمعية وشهدوا لها ولأمينها بالموثوقية أمام الناس، وتكتموا على تجاوزاتها، وان أحدهم سبق أن أخذت الدولة عليه تعهدا بعدم جمع التبرعات، ولكنه اشتهر عنه أنه عادة ما يعود!!.

  

حسن الحارثي

التغريب في بيتك يا شيخ! 

هل الذين ما زالوا يرددون مصطلح التغريب يتواجدون فعلا بيننا أم إنهم يعيشون حالة من العزلة مع أمهات الكتب، وكل ما اشتاق أحدهم إلى مخاطبة الناس، فتح حسابه المهجور على “تويتر” وكتب عن مشاكل الابتعاث والانفتاح والتغرير بالنشء ثم عاد إلى عزلته بين كتب الجاحظ وابن تيمية!

ماذا يقصدون بالتغريب؟ هل هو الدراسة في الغرب وتلقي العلوم بين الغربيين؟ إذا كان الأمر كذلك فليت كل الشعب يدرس في الغرب، لعل الله أن يفتح علينا ونبتكر شيئا مما ابتكروا أو نضع نظرية جديدة أو نخدم الإنسانية في علم ما.

وإذا كانوا يقصدون العيش مع الغربيين والانفتاح على ثقافتهم، فهذه أيضا أهلا وسهلا بها، لأن الحياة في الغرب تعلم الفرد احترام الآخر بغض النظر عن ديانته أو لونه، وهو ما حث عليه الإسلام، وتعلمه كذلك الانضباط وتحمل المسؤولية والعمل بإخلاص والالتزام بسلوكيات أخلاقية قد نفتقدها في مجتمعنا المثالي.

أما إذا كانوا يقصدون تعلم التفسخ الأخلاقي من الغرب، فهذه فرية مردود عليها، ولم يحدث أن خرجت فتاة عارية في الشارع لأنها كانت مبتعثة وتأثرت بالمشاهد التي كانت تراها، بل على العكس تماما، الفتاة التي تعيش في بلاد الغربة سنوات تتعلم كيف تحافظ على نفسها وبالتالي تصبح أكثر مسؤولية ووعيا، وهو ما يجعلنا نفخر بها أكثر مما نشكك في أخلاقها.

إذا ما يسميه الإخوة الصحويون بـ”التغريب” ويجعلون منه فزاعة لمحاربة أي مشروع علمي أو ثقافي، ليس له أي وجود إلا على شكل أوهام في رؤوسهم، متناسين تماما أن الغرب كله بثقافته وتراثه وتفسخه وحراكه اليومي موجود في بيوتهم، وبضغطة زر واحدة، ينكشف العالم عن بكرة أبيه لأي شاب يعيش في أي هجرة أو قرية دون أن يحرك ساكنا، لكنه الوهم الذي يحول الشخص إلى جاهل حين لا يجد من يقاتل، فيقاتل نفسه.

 

محمد الحربي

سماسرة الموت .. تجار الحروب

تناقلت مواقع إلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت فضيحة اختفاء ملايين الريالات من إحدى الحملات غير الرسمية لإغاثة الشعب السوري من المملكة والخليج، قامت بها جمعية معروفة وشهودها دعاة بارزون من المملكة، كانوا قد زكوا الجمعية وشهدوا لها ولأمينها بالموثوقية أمام الناس، وتكتموا على تجاوزاتها، أحدهم سبق أن أخذت الدولة عليه تعهدا بعدم جمع التبرعات، ولكنه اشتهر عنه أنه عادة ما يعود!!.

وكشف بعض المنتمين إلى الجمعية أو الحملة العشوائية غير الرسمية عبر تغريدات عديدة على «تويتر» عن أن هناك من كان يجمع التبرعات إلى حساب زوجته!!

وتبادل متبرعون مع قائمين على الحملة اتهامات عديدة حول شراء سيارة إسعاف للجرحى قيمتها 45 ألف ريال كان المفترض أن تستورد من إسبانيا، وأنها خلال 10 أيام ستكون في الداخل السوري، ومضى شهران وثلاثة وأربعة، وبعد إلحاح وتبادل للألفاظ والكلام الجارح بينهما دخلت سيارة الإسعاف للداخل السوري، ولكنها شريت من تركيا بقيمة 25 ألف ريال فقط!!.

وحملت التغريدات مفاجأة أن الداعية الشهير الذي وقع التعهد بعدم جمع التبرعات، عقد اجتماعا بين أعضاء الحملة وخرجوا باتفاق عجيب وغريب، خلاصته: «هنا حفرنا وهنا دفنا!!»، وانفض الاجتماع بعد الاتفاق على إخفاء التجاوزات شريطة أن يترك مديرها العمل، ويبدو أن مدير الجمعية أو الحملة لم يعجبه الاتفاق، فبدأ بفضح الجميع وكشف اختفاء مئات الملايين من الريالات، ونشر حساب الجمعية على الفيس بوك عددا من الروايات عن اختلاس أموال التبرعات، على لسان بعض المقربين للجمعية، وتضمنت اتهامات بالمتاجرة بأموال التبرعات وبيع «الخبز» على اللاجئين من المصنع الذي أنشئ وأعلن للناس أنه يوزع الخبز لهم بالمجان!!.

ما هذا؟! والله إن المافيا أرحم من هؤلاء!!

هذه الأموال التي دفعها أناس طيبون، تفاعلوا مع ما يحدث لأشقائهم في سوريا ورغبوا في نصرتهم ابتغاء مرضاة الله، يأتي ــ للأسف ــ من يتاجرون باسم الدين، من سماسرة الموت، وتجار الحروب، الذين يلبسون عباءة الدين ستارا وقناعا زائفا ليسرقوا هبات المحسنين، ولتتضخم بها أرصدتهم في البنوك، أو لتحول إلى جهات مشبوهة في الخارج لتمويل الإرهاب وقتل السوريين وغيرهم بأموال الخير التي وقعت في أيدي الشر.

متى تعلمنا الدروس؟!

عندما منعت الدولة بعد أحداث 11 سبتمبر جمع التبرعات العشوائي، والذي لا يندرج تحت غطاء مؤسساتي يرصد مصدر التبرعات بدقة، ويعرف أنها ستذهب إلى مستحقيها بدقة وشفافية واضحة، كانت الدولة تعي أن مثل هذه العينات من سماسرة الموت وتجار الحروب الذين لا علاقة لهم بالدين إلا بأقنعتهم الظاهرية التي يلبسونها للضحك على عقول وقلوب الباحثين عن الأجر والخير، يظهرون عادة عندما يدوي الرصاص وتتفجر القنابل في مكان ما، ولا يهم كم أن هذا المكان بعيد أو قريب، ولذلك منعتهم وحذرتنا من التعامل معها، ولكن يبدو أن بعضنا لا يريد أن يرى الطريق الصحيح ولو أشعلت له فيه ألف شمعة!!.

هؤلاء اللصوص الذين يحاولون الالتفاف على قرارات الحكومة ومخاتلة إجراءات منع جمع التبرعات العشوائي، لولا أنهم لصوص ومختلسون وسماسرة موت وتجار حروب، لما تحايلوا على الأنظمة والقوانين، واستمروا في مخالفتها.

هؤلاء اللصوص لا بد من القبض عليهم ومحاكمتهم ومعاقبتهم واسترداد أموال الخيرين التي نهبوها.

ولا بد لنا ــ في المقابل ــ أن نعي أن الحكومة عندما تسن تشريعا أو تقر نظاما، إنما هي تفعل ذلك لصالح المواطن والوطن، وأن تستر هؤلاء اللصوص بستار الدين بات حيلة قديمة لا تنطلي إلا على الأغبياء والسذج، ولا ينبغي لنا أن نصنف ضمن هاتين الخانتين، ألم تفهموا بعد؟!.

 

صالح الحمادي

«الوطن» أولا

أكثر من ثلاثة ملايين عامل في أنحاء السعودية مقيمون بطريقة غير نظامية، وعندما سعت الدولة لتصحيح الأوضاع تكالبت «خراش» جيران السوء علينا بسبب التهاون والتسهيلات والتعاطف سابقا.

أشقاؤنا على الحد الجنوبي تحملناهم عقودا من الزمن – لا نمن مواقفنا معهم – ورغم هذه اعتبروا مرحلة التصحيح لدينا غير شرعية وسوَّق لهذا المفهوم ثلة من الموالين لجار السوء في الطرف الشرقي.. لا يهم فقد مضت الأجهزة الرسمية لدينا في خطواتها وحصل جميع المخالفين على مهلة لتصحيح أوضاعهم وسوف نجني ثمار هذا التصحيح في السنوات المقبلة شريطة التخلص من تأشيرات «الشرهات» ووضع حد لهوامير التأشيرات الذين يغرقون سوق العمل ويساهمون في فوضى العمالة السائبة لدينا.

هؤلاء الذين استغلوا علاقاتهم ومكانتهم سابقا وحصلوا على تأشيرات من أجل تحسين أوضاعهم المالية ورفع أرصدتهم البنكية عليهم استشعار المسؤولية فيكفيهم ما لهفوه من «هبراة» العمال وجيوب الناس سابقا، وحان وقت التنازل قليلا ووقفتهم مع «وطنهم» بالتخلص من جميع العمالة المتناثرة في شوارع المدن وأرياف القرى.

تصحيح الوضع يبدأ من «الهوامير» إذا عرفوا أن «الوطن» أولا وعاشرا، وأن المواطنة الصادقة تبدأ من عندهم، وأن الحلول الجذرية تتوقف على مدى وعيهم، قد نعذرهم في الفترة السابقة لأطماع دنيوية في زمن «طاخ طيخ» عندما كان سوق العمل يستقبل الغث والسمين والآن حصحص الحق ولن تنجح فترة التصحيح دون تغيير مفاهيم الهوامير.