هل نحن كرماء ؟

سلمان الشريدة

كثير منا يطلق الأحكام والألقاب على الاخرين بما يراه منهم ، أو يريده فيهم !!!
ومن المؤسف أن يكون منحها للآخرين دون قياس أو دراية بالجوانب التي يجب توفرها بمن يستحقوا هذا الشرف الذي نكسوهم إياه ؛
إن من أسباب نقص مدى إدراك القياس ، هو قصر النظر والإستعجال في منح الصفات والألقاب ، والتي تمنع الوصول للرؤية الحقيقية والصحيحة ، فلا شك أن عدم التأني وفقرنا المعرفي وعدم العمق الواضح في الشخصيات ينتج عنه فوضى عارمه في مدح الأخرين ومنح بعض من لا يستحق هذه الألقاب والصفات الحميدة ؛

وإذا سلطنا الضوء مثالاً على الكرم ، وهو أحد خصال الرجال الطيبة ؛
ومن منا لايحب أن تكون هذه الصفة على رأس صفاته ؛
ففي بداية الحديث عن هذه الصفة أقول :
لاينبغي لنا أن نسعى لها لمجرد الوصول لها ، أو لكسب الصيت الحسن بين الناس ، فوالله إنني لأنظر بعين الإحتقار لم أراه يُكرم شخصاً دون غيره ، وذلك لأجل مقام أو منصب يحمله أو للوصول لمصلحة ما ؛
وهذا القياس الخطأ يقع كثيراً ؛

إن من بعض أخطاء مقاييسه ومفهومه والذي عرفه الناس بشكل ظاهر ، إما في البذل المادي أو إقامة الولائم فقط ؛
يجب أن نعرف أن حقيقة البذل المالي أو إقامة الولائم ليس شيئاً أساسياً حتى نعرف بها الكرماء من غيرهم ، لأن هناك الكثير ممن نراى منهم ذلك وهم سيئوا الطباع أو يفعلونها للمنافسه وهذا ينفي الكرم الحقيقي ؛ لذلك فإن البذل المالي أو إقامة الولائم هي سلسلة تكميلية تمتد حتى تصل إلى رأسها وأعلى قمتها ، ألا وهي “الأخلاق وطيب المعشر” ،
فلا يمكن أن نعرف الكرماء الحقيقيون فعلاً إلى بها ؛

إن كرم الأخلاق الحسنه مع جميع من حولك دون استثناء “كبير وصغير غني وفقير” تدل على غاية ، وهي الإستمرار في التواصل والسعي للألفه بينك وبين الناس ولنشر بذور المحبة والصفاء ؛

وإن إجتماع تقديرك لأهل بيتك خاصة ، وتتواضعك لجميع من حولك عامة ، سواءً أقارب أو أصدقاء ، ومبادرتك بحسن الظن ، وتسامحك وتواضعك ، وإستقبالكم لهم بكلمة طيبة وإبتسامه حانيه ، أو على أقل تقدير ، تخصيص لكل شخص منهم مكاناً في قلبك ، فأنت فعلاً تستحق أن يقال عنك “كريم أبن كريم” ،
أما إذا وصلت إلى مرحلة الإثار وتؤثر غيرك على نفسك فأنت “أكرم الكرماء” وهي أعلى المراتب ؛

جدير بنا أن نبحث عن الكرم الحقيقي بداخلنا قبل إظهارها أمام الجميع فلا حاجة للناس بمالك فهو لك ، وإنما الحاجة الحقيقية هي لحسن تعاملك .