سائقي أوبر وكريم

سلمان الشريدة

كثر الحديث خلال الفترة القليلة الماضية حول ما يحدث من مشاكل تتعلق ببعض شبابنا السعوديين المشتركين كسائقين في شركتي أوبر وكريم، أو ببعض فتياتنا اللواتي يستعن بهاتين الشركتين كوسيلة نقل لهن.

أثار ذلك الحديث قصص وروايات تم تداولها بين المواطنين، سواء كان في مجالسهم أو عبر برامج التواصل الاجتماعي.

وقد أنتشر في بداية تلك الإثارة، مقاطع لبعض الممارسات الغير أخلاقية من بعض السائقين، وبعد ذلك قرأنا بعض التغريدات في تويتر التي تم نشرها وتداولها وهي في الأصل حسابات مجهولة، كانوا يغردون إما بصفتهم كسائقين مشتركين في إحدى الشركتين، وذكروا سوء أخلاق بعض الفتيات اللواتي يرافقنهم، أو بصفة فتاة تتهم السائقين باتهامات لا وجود لها.

قبل أيام سمعنا مقطع صوتي عبر الواتساب لشاب سعودي يذكر أنه سائق مشترك في كلا الشركتين، وكان يبدو من حديثه أنه ناصح لأرباب الأسر في مراقبة فتياتهم بسبب مشاهدته لعدة مواقف تنبي عن ضياع الكثير من الفتيات، ولم يخلو حديثه من النساء المتزوجات واتهام بعض منهن بتواطؤ أزواجهن في ضياعهن، وأضاف قصص حصلت مع زملائه السائقين والتي تُشعر المستمع بالألم والاستياء معاً.

من المذهل أنه خصص أوقات معينه لقصص الضياع المزعومة، حيث ذكر أن جميع تلك المواقف تحصل في أخر الليل، بل وذكر أن جميع من يطلبن خدمة التوصيل في تلك الأوقات ضائعات، وهذا تجني واتهام خطير وتعميم غير مقبول، لأننا كما نعلم جميعاً قد ساد بيننا ممارسة السهر بين العائلات، وخصوصاً في الإجازات وإجازة الصيف التي نتمتع بها هذه الأيام ونرى جميع المواطنين يخرجون للمنتزهات والاستراحات ولا يعودون إلى في أوقات متأخرة، وكما أننا نشاهد الشوارع ممتلئة بالزحام حتى الفجر.

وهذا بسبب أمور عدة، ومنها قصر ساعات الليل في الصيف، وحرارة الجو التي تمنع الكثيرين من الخروج في وقت النهار، وخصوصاً حينما يكونون غير مربوطين في أعمال خلال فترة الإجازة حتى يجبروا على الخروج.

إن من يربط سوء الأخلاق بالسهر، فهذا إما أنه يعيش في عصر غير صرنا، أو في مجتمع غير مجتمعنا، وهذا لا يعني التأييد لهذه الممارسة ولكن هذا وهو واقعنا اليوم، وهذا ما جعلني لم أقتنع بكل ما قيل وشعرت بنوع من المبالغة منذ بدايات الحملة.

وشعرت أنها حملة تستهدف شبابنا وفتياتنا، خاصةً أننا حين نفكر نجد بأنه لا يوجد إثبات للمقاطع المتداولة للسائقين، الذين مارسوا التصرفات الغير أخلاقية المذكورة، وكان الاكتفاء بتعليق مكتوب ومرفق مع مقطع الفيديو وهذا غير كافي، وليس دليل بأن هؤلاء من سائقي أوبر وكريم.

ولا ننسى تلك التغريدات للحسابات المجهولة في تويتر، والتي تضع أمامنا علامة استفهام؟ ومما يثير التساؤلات أيضاً هو ذلك المقطع الصوتي للشخص المجهول الذي ذكر أنه كان سائق مشترك في إحدى الشركتين، والذي ختم حديثه بأنه سينهي عقده خوفاً على نفسه من الفتنة والضياع،”عجيب !! أين نعيش نحن؟! 

إن أخانا الفاضل ذكر أنها لا تحصل إلا في أخر الليل، وأنا أريد أن أسأله،لماذا لا تعمل في النهار وفي وقت مبكر من المساء فقط؟ فهذا يغنيك عن الفتنة التي ادعيتها، وخصوصاً أن كلا الشركتين لا تلزم السائقين المشتركين معها بأيام عمل محددة، ناهيك عن ساعات العمل التي لك الحرية المطلقة فيها.

أن المبالغة في ذكر مثل هذه القصص أشبه بالقصص الخيالية التي تم تداولها قبل عشرين عاماً، عن سائقي الأجرة “الليموزين” آنذاك.

وحتى أقطع الشك باليقين حاولت التواصل مع بعض الشباب المشتركين كسائقين في تلك الشركتين، للسماع منهم بأنفسهم.

وأحدهم أعرفه معرفه شخصية وأثق به، حدثني عن تجربته التي بدأت منذ إحدى عشر شهراً، ويعمل بمعدل سبع ساعات يومياً، وفي أوقات مختلفة حسب فراغه والانتهاء من ارتباطاته الشخصية، وأفادني أن كل ما تم تدوله غير صحيح، لا عن السائقين ولا عن الفتيات.

وأضاف في حديثه أنه لو حدث هذا فإنها حالات شاذة لا تكاد تذكر، وليست بالحجم الذي تم تداوله، وخصوصاً أن السائقين مقيدين بنظام ومعلومات ويتم محاسبتهم من خلاله عند أي ملاحظة وقد تصل إلى فصله، ولا أظن أن أحداً سيجازف في شركتين محدودتين لا غيرهما في السوق اليوم.

وأضاف أيضاً أن غالبهم في سن النضوج ومتزوجين ولديهم أسر وهم موظفين بالأصل، كما أنهم يبحثون عن دخل إضافي من خلال هذا العمل ليغطي بعض العجز الذي قد يحدث في ميزانيتهم خلال الشهر، حيث أمتدح هذا العمل والمردود المادي الجيد الذي يتقاضاه يومياً خلال عمله.

وذكر أن ما تم تداوله كان من أشخاص مجهولين، وقد يكونوا ليسوا سعوديين ومن المؤكد أن لهم أهداف منها الإساءة للمواطنين والمواطنات، لكنه أيضاً رجح أثناء حديثه أن من المحتمل أن بعض الشائعات كانت للأسف من بعض سائقي الأجرة “الليموزين” لأنه ذكر مواقف مضايقات عدة، وكان هذا بسبب مزاعمهم أن شركتي أوبر وكريم هي سبب خسارتهم، وإن كان ذلك صحيحاً فهذا لا يعطي الحق لإطلاق شائعات ضد سائقيها وزبائنهم والتي تسيء بالمقام الأول بالمجتمع السعودي ككل.

حقيقةً لم أكتفي بهذا وحاولت أن أزيد من تأكيد ذلك بالاتصال بأحد الأصدقاء من الذين يعملون في مجال الأمن، وسألته عن حجم القضايا المتعلقة بخدمة توصيل أوبر وكريم، وأجابني بأن القضايا قليلة جداً، وليس جميعها متعلق بالأخلاقيات فبعضها متعلق في بعض المقتنيات التي يتم نسيانها في سيارة السائق من قبل الزبائن.

أن ما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع هو سمعة شبابنا وفتياتنا، التي أصبح البعض يتساهل في العبث بها وإطلاق الشائعات لأهداف ومصالح شخصية للأسف؛أما بالنسبة للشركتين فهما شركتين معروفتين عالمياً ولا يضرها ما قيل ولن ينفعها ما كتبت.

أريد أن أقول بأن الإدعاء بعدم وجود المشكلات في أي عمل كان هو من الجنون، ولكن بالمقابل يجب أن لا نصدق كل ما قيل ولا نقبل ما يقال في شبابنا وفتياتنا من إساءات إلى هذا الحد، فهم من أهم ركائز بناء مستقبلنا المشرق، وخصوصاً حينما يحاول البعض تصويرهم وكأنهم بلا أخلاق وفي قمة الانحلال كما تم محاولة ترويجه.

جدير بنا أن نزرع الثقة بأسرنا، وكما يجدر بنا أن ندعم شبابنا الذي يعمل من أجل أسرته التي هي جزء منا في هذا المجتمع.

ختاماً نصيحة أقدمها لأخواني الشباب :

إذا أردتم الرزق والبركة والتوفيق فأخلصوا النية لله وأحفظوا الأمانات، وبارك الله فيكم.