هروب خلفه الاستفهام المتكرر .. ” من المسؤول؟

بقلم: أ. عادل بن حميدي المالكي

في الميدان التعليمي والذي يريد الآباء والأمهات أن يتلقّى فيه أبناؤهم وبناتهم الثقافة والوعي من مناهل المعرفة وقناديل العلم، نجد فيه بعض الأمور التي تجعلنا أمام تساؤل كبير، وتجعلنا نرى أن هناك خروجًا عن الهدف الأسمى من ميادين التعليم، لأن الخُطى إذا خرجت عن المسار فلن يتحقق الهدف، ويمكن أن تأتي تلك الخُطى بأمور لا تحمد عقباها ليس على مستوى الفرد الهارب فحسب بل على مستوى الأسرة والمجتمع والوطن بأسره.
فقد وثّق أحد المارة مقطعًا مرئيًا لهروبِ فتياتٍ من المدرسة -في الوقت الذي يعتقد فيه آباؤهم وأمهاتهم بأنهن في المدرسة- والذي لاحظه وشاهده الجميع وتم تناوله بشكل كبير في مواقع التواصل الاجتماعي، يضعنا هذه أمام استفهامات كبيرة وكثيرة، لماذا خرجن من المدرسة؟ وأين ذهبن؟ ومع من يذهبن؟ وكيف أتت الفكرة بالهروب؟ وكم مرة قمن بهذه الطريقة في الهروب؟ وأين المدرسة من حصر الغياب في الحصص الأخيرة؟ وهل باتت مدارسنا بيئة طاردة ومملة؟ وهل للإعلام وقنواته دور مباشر في وجود هذه المعضلة ؟ وهل للأسرة نصيب في حدوثها ؟ وماهي الدواعي النفسية لهذه الظاهرة؟
إن الهروب من المدرسة يؤدي إلى حدوثِ مشاكلٍ للفرد الهارب تظهر في تدني مستواه وفشله وتعثره في مشواره التعليمي واكتسابه أخلاق وممارسات غير فاضلة، فقد يرتمي في أحضان الشر والرذيلة، وقد تتلقّفه أيادي الفكر الضال ومرضى الشهوة، وغيرها من النتائج المتوقعة من الهروب.
فهروب الطالبات من المدرسة يعد ظاهرة دخيلة على المجتمع، وأمر مستغرب ونكير، إلا إن هروبهن أوضح لنا أن هناك أموراً غير إيجابية حدثت، وأن هناك ممارسات مماثلة ستظهر في المستقبل القريب، فإذا لم نسارع في حلها فقد يجني منه المجتمع شوكًا ويتجرع منه المر المتكرر.
فصوت المجتمع ينادي: “لا يكفي تكوين لجنة لمحاسبة الطالبات والمدرسة فحسب، فقد سئمنا من اللجان التي تخفض الأصوات وتسكت الألسنة، نحن نبحث عن حلول جذرية وليس حلّا مؤقتًا ومحدودًا ” فالمجتمع يطالب بمشروع وطني تشارك فيه جميع الجهات الحكومية لدراسة أسباب الهروب من المدارس والجامعات أثناء الوقت المخصص لتعليمهن، ولوضع إجراءات وقوانين صارمة، وإعادة صياغة طريقة حصر الغياب والمتابعة المستمرة، وزيادة الوعي لهم، والتفعيل الحقيقي لدور الإرشاد الطلابي، فالتفعيل لا يقتضي تعبئة الأوراق والملفات بل القيام بدوره المناط به في حل المشكلات التي توجه أبناؤنا وبناتنا لا برصدها، ويكون شاغل الإرشاد الطلابي ممن يحمل مؤهلاً عاليًا في علم النفس التربوي، كما نطالب بإعادة صياغة الإعلام والذي له دور كبير في استقاء أبنائنا وبناتنا لكثير من الممارسات والظواهر السلبية من خلال ما يُبث فيه من البرامج والمسلسلات والتي تضعهم في وَهْمٍ لا يعرفون حقيقته ولا يفيقون منه إلا بعد وقوعهم في المشكلات.
كما أن مجتمعنا يطالب باستشعار القيادات وإحساسهم بمسؤولية المحافظة على الأبناء والبنات أثناء يومهم التعليمي فقد استأمنهم الآباء والأمهات عليهن، كما نريد قدوات تتصف بسلوك واعٍ ومسؤول يقتدي به الأبناء والبنات، كما أننا بحاجة إلى زيادة الوعي وزرع المسؤولية الشخصية في نفوس طلابنا وطالباتنا والسماع منهم ومحاورتهم ومشاركتهم حياتهم لنعرف ما يخفون وما يريدون، ولتصحيح مفاهيمهم وما يعتقدون، ولتنمية مواهبهم عندما يبدعون.
بقلم: أ. عادل بن حميدي المالكي