نجاح مبدأ حزم سلمان

د. عبدالله زبن الحربي

قلة من الزعماء في العالم من يرسخون أسماءهم في ذاكرة التاريخ من خلال أعمال ومواقف يتخذنونها في مواجهة مراحل مصيرية لدولهم تتطلب منهم اتخاذ قرارات حازمة وسريعة وشجاعة والتي تعبر في الغالب عن السمات الشخصية القيادية الفذه لمن يتخذ هذه القرارات على أن يكون هذا الفعل في مرحلة تاليه من تنفيذه مبدأ سياسياً ينسب للزعيم الذي اتخذه.

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله زعيما أسس لمبدأ سياسي يعرف بمبدأ (الحزم )نتيجة لقراره الشجاع في إطلاق (عاصفة الحزم) لمواجهة عملية الانقلاب على الشرعية في اليمن وما سوف ينتج عنها من مخططات أقليمية ودولية تهدف إلى تهديد أمن واستقرار المملكة والوطن العربي.

يعد النظر في قرار عاصفة الحزم أمرآعاديآ لمن لا يعرف العوامل المحيطة في اتخاذ قرار أطلاقها وطبيعة المعركة فالملك سلمان تولى مقاليد الحكم قبل فترة قصيرة من إطلاق المعركة وفي مثل هذا عادة الزعماء لا يغامرون في مستقبلهم السياسي في اتخاذ قرار قد يكلفهم الحكم بعكس الملك سلمان الذي اتخذ قرارآ يكشف عن حب واخلاص وإيثار لمصالح الوطن على مكاسبه الشخصية.

يضاف إلى ذلك شجاعته في اتخاذ قرار الحرب حينما ادرك خطورة الوضع القائم على أمن الوطن واستقراره،كما أن مواجهته الشجاعة لحالة التماهي الإقليمي والدولي مع ماحدث من انقلاب على الشرعية في اليمن.

يضاف لذلك أنه أحدث تحول في السياسية الخارجية للسعودية بأن تحولت إلى أسلوب المواجهة والتصدي للمخاطر في أماكن تواجدها حتى أنه قبل بداية عاصفة الحزم بساعتين كان كل المحللين السياسيين عبر القنوات الفضائية يؤكدون عدم تحرك السعودية عسكريآ تجاه الحوثي قياسآ على أسلوب السياسة السعودية المتعارف عليه في مثل هذه الحالات.

الآن وبعد مضي قرابة ثلاث سنوات من بداية المعركة يتم طرح تساؤل حول المنجزات التي تحققت من تطبيق هذا المبدأ على أرض المعركة ؟

والتي في العادة نرى أنها لا تخرج عن ثلاث أجابات الأولى لشخص غير مدرك لطبيعة الصراع وأهدافه الاستراتيجية وتحدياته المستقبلية ويرى أنها حققت بعضآ من أهدافهاوأنه ما كان لها أن تقوم والثانية هي لشخص عدو يدعي أن المملكة فشلت في أنهاء الانقلاب وأنها تستنزف في اليمن وخسرت الحرب والثالثة ترى أن الحرب حققت أهدافها وأن ما تبقى منهاماهو إلا استكمال لمرحلة أقل أهمية مما سبقتها.

يجب قبل تحديد الإجابة الأصح للتساؤل السابق أن نطرح تساؤل أخر وهو ماذا لو لم تقم معركة عاصفة الحزم؟

سيكون السيناريو في حال عدم قيام المعركة كارثياًحيث سيعيش المواطن حالة من الرعب اليومي جراء تساقط الصواريخ التي سيطلقها الحوثي على مدن المملكة كافة وبشكل يومي والذي سيتم إمدادها به بشكل مستمر من ايران ومن يدور في فلكها مع صمت دولي حيال ذلك وعندها سيتم فرض الكثير من الشروط التي يجب على المملكة الوفاء بها مقابل ايقاف هذا الرعب التي تتعرض له بشكل يومي،وللتأكد من صحة هذا القرار فقط علينا نرى ما تدفعه تركيا حالياًمن ثمن جراء تأخرها في التدخل سورياً.

لقد استشهد عدداً من أبناء المملكة في سبيل هذا المعركة الذي كانت القيادة تسعى لحيلولة دون حدوث ذلك ودفعت الاموال الطائلة للمعركة.

وتم مساومة المملكة سياسياً في الموافقة على استمرار المعركة وهي تعتبر أثمان باهضة ولكنها بقيم أقل بكثير لو لم يوجد حزم سلمان وخصوصاً وأن الظاهرة الحوثية وجدت بالأصل بهدف الأضرار بالمملكة من قبل عدوها الاول بالمنطقة وهي ايران.

من المعروف أن الحروب مكلفة بشرياً ومادياً لمن يقوم بها وهي ليست خيار مفضل لمن يمتلك الحق في أطلاقها.

إلا أنه في مراحل معينة من الخلاف بين الدول يتوجب اللجوء لهذا الخيار الذي يتطلب التوقيت المناسب والشخصية السياسية الشجاعة التي تتبنا قراره وفي أزمة اليمن اختطفت الامة من اعدائها وسلب قرارها واستباحت كرامتها وعندها تسألت شعوبها هل من منقذ؟

عندها جاء الرد من زعيمها بأنه لا لفارس في جزيرة العرب وعندها رددت الأمة عاش سلمان عاش سلمان.