الصحف الورقية إلى أين ؟!

طلال الفرد

يتسائل الكثير من الكتاب والإعلاميين والقراء عن مصير الصحف الورقية، وعما إذا كانت ستنقرض في زمن الإعلام الجديد والتعاملات الإلكترونية التي أغنت كثيراً عن استعمال الورق بشكل عام،ناهيك عن قراءة خبر في صحيفة ورقية بإمكان القارئ أن يحصل عليه عن طريق هاتفه النقال بضغطة زر واحدة.

هذا الأمر يشكل قلق لأصحاب المؤسسات الصحفية، خصوصاً وأن مبيعاتها في انخفاض مستمر، ولا يوجد دخل إعلاني كبير يغطي إلتزاماتها، فضلاً عن عدم تحقيق الأرباح المأمولة نظير الجهود الكبيرة التي يقومون بها بشكل يومي في عمل الصحافة، الذي لُقب منذ زمن بعيد بمهنة المتاعب.

فإذا كان هناك انخفاض في المبيعات وعزوف من المعلنين عن الصحف الورقية وتوجههم لوسائل التواصل الاجتماعي ومشاهيره، فإن ذلك يشكل تهديداً كبيراً لبقاء الصحف في المنافسة بمستقبل الإعلام القريب.

ولعلي أذكر في هذا الجانب أمر مهم ألا وهو سحب البساط من الصحف الورقية في الإعلانات التجارية، وذلك لأن الصحف لم تواكب هذا التطور الإعلاني في الإعلام الجديد، ولم تستغل وجود جماهيرها بفتح قنوات للإعلانات على سناب شات وإنستقرام وباقي التطبيقات، ما جعل المعلنين يذهبون لمشاهير التواصل الاجتماعي ويتركون الإعلان في الصحف الورقية تحديداً، بحثاً منهم عن الجمهور لاحتمالية زيادة نسبة التعرُّض للإعلان في هذه التطبيقات وسرعة الوصول للجمهور المستهدف وبالتالي سرعة النتائج، بينما لازالت الإعلانات موجودة في الصحف والمواقع الإلكترونية بصورة أقل بكثير من السابق.

أصبحت الصحف الورقية قائمة فعلياً على الإعلانات الحكومية، غير أن بعض هذه الجهات توجهت للمشاهير لتمرير إعلاناتها، وهذا التوجه يُشكل خطر على استمرارية الصحف وبقائها في الساحة الإعلامية لعدم وجود الميزانية الكافية التي تسير عمل الصحف إبتداءً من رواتب موظفيها وانتهاءً بالطباعة والنشر.

الغريب في الأمر أن بعض الكتاب المعروفين في الصحف الورقية واكبوا بذكائهم هذا التطور، فأصبحت عروض الإعلانات تنهال عليهم من كل حدب وصوب، وأصبح لديهم عقود إعلانية أكثر من الصحف التي ينتمون إليها !!.

فلا نستغرب لو نشاهد في المستقبل القريب إغلاق لبعض الصحف الورقية كما شاهدنا في السنوات الماضية إغلاق لصحف لها اسماً وتاريخاً في ميدان الصحافة، وشاهدنا أيضاً بعض الصحف أغلقت مطابعها وصارت تصدر صحفها من مطابع صحف كانت منافسة لها.

فمن لم يغير سياسته ليتماشى مع التطورات الراهنة سيكون متلقي للضربات وسيلحق بسابقيه لأن البقاء دائماً للأقوى وفي هذا المثال سأذكر المثل الشعبي المعروف (الضربة اللي ما تكسرك تقويك).

فالصحف التي أُغلِقت تم كسرها ولن تُجبر، أما التي سَلِمت عليها مواكبة التطور في الإعلام الجديد وإلا فعليها تجهيز النعش، لأن الضربة القادمة ستكون بمثابة (ضربة والقبر).

تويتر: Talal_Alfard@
إيميل: [email protected]