حمد بن جاسم خارج الواقع

غازي الحارثي

الشيخ حمد بن جاسم بن جبر أغرب مسؤول سياسي مر على دول وشعوب الخليج.. بالرغم من تواري مسؤولياته وسلطاته “فوق الطاولة وأمام الكواليس فقط” إلا أنه انطلق يمارس في خطابه الإعلامي الموجّه لجماهير دول المقاطعة العربية اللغة التقليدية لسياسات دول منطقة الخليج في عقود سابقة، معتقداً -لوحده- أنه يستطيع المراهنة على ذاكرة الذباب لدى أهل الخليج وتحديداً الدول التي قاطعت قطر وينحى بـ لبّ الأزمة بعيداً عن مسبباتها الحقيقية من خلال تغليفه لها بأسئلته اللا منتهية:

يقول من المتسبب بهبوط لغة الحوار وقطع الأرحام وزعزعة الأمن وتعميق الجرح و و و و؟
ويتغاضى سريعاً عن آلاف التعليقات التي تقول له بأنه شخصياً اعترف بتخطيطه لإسقاط القيادة السعودية في غضون ١٢ سنة، وخططت اجهزة بلاده الاستخباراتية لاغتيال الملك عبدالله، واقتحمت قوات بلاده مناطق حدودية داخل الاراضي السعودية، ونازعت حكومة بلاده البحرين على جزيرة حوار، ودعمت أجهزته السياسية المباشرة الفوضى عبر ميليشيات جماعة الاخوان في ليبيا ومصر وسوريا، وكل هذه الممارسات التي كانت في عهده وتحت نظره وتدبيره تظهر كأعلى درجات قطع الأرحام وسوء الجوار وزعزعة الأمن القومي الخليجي .

يُشعرك خطاب الشيخ حمد بن جاسم الإعلامي أنه يعيش خارج الواقع ويكتب تصوراته الغريبة ويطرح تساؤلاته التي تحرجه دائماً في ظل سعي حكومة بلاده الحثيث مالياً وسياسياً إلى إيجاد المخارج وتوسيط الوساطات لإنهاء عزلتها الكبيرة وفي نفس الوقت ممارسة حملات تشويه سياسي مدفوعة الثمن في مناطق عربية ودولية ضد الدول العربية المقاطعة لقطر وكأن الشيخ حمد لم يتحدث عن فضيلة حسن الحوار والجوار واحترام الكبير والنظر بعطف للصغير والابتعاد عن نشر الغسيل.

لكن بتمعّن أكثر دقة لايمكن تفسير خطاب الشيخ حمد الإعلامي في ضوء التعامل السياسي لحكومة بلاده مع إجراءات المقاطعة إلا بأحد أمرين وعلى طريقته في تفسير أسباب المقاطعة العربية لقطر
إما أنه يريد إصباغ الممارسات القطرية الجارية في المنطقة بغطاء خطاب إعلامي مهذب ومعتدل، أو أنه يُدفع دفعاً بتأثير أعلى إلى ممارسة الاستعطاف واستجداء العادات الدبلوماسية التقليدية خليجياً لفك عزلة قطر وإعادتها للحياة.

 

غازي الحارثي