بدعة امتداد التخصص في جامعاتنا

د. طلال بن عبدالله الشريف

بتنا نسمع ونقرأ كثيراً عن بطالة حملة المؤهلات العليا بسبب عدم توفر شرط امتداد التخصص للتعيين على وظائف الأكاديميين لدرجة أستاذ مساعد في جامعاتنا حتى أصبح هماً كبيراً ومانعاً قوياً أمام كثير من حملة المؤهلات العليا من خريجي الداخل والخارج وخاصة خريجي مشروع خادم الحرمين الشريفين للإبتعاث.

والعجيب أن الجامعات بالغت جداً في حرفية هذا الشرط حتى صار مقدساً من وجهة نظر المعنيين بالتعيين على هذا الوظائف مما حطّم كثير من أحلام شبابنا حديثي التخرج بشهادات الدكتوراه وحرم الوطن من قدرات وطاقات كبيرة وهائلة مع عدم استثمار للموارد المالية التي أنفقت على إعداد وتأهيل المورد البشرية الوطنية.

ولو تأملنا في شرط امتداد التخصص لوجدناه غير منطقي لأن من شروط التعيين على وظائف الأكاديميين وفق لوائح الجامعات الموحدة أن يكون حاصلاً على شهادة الدكتوراه دون إشارة للمؤهلات السابقة أو لامتداد التخصص ولكن الجامعات أضافت هذا الشرط وتوارثته عبر الزمن دون مراجعته وإعادة صياغته وأغلقت الباب أمام اختلاف التخصص رغم ما في ذلك من تنوع وإثراء كبير للأقسام العلمية وللجامعات.

ودليل ذلك حرص بعض الجامعات العالمية على ذلك التنوع واعتباره في أحايين كثيرة ميزة للمتقدم على تلك الوظائف ، ومن جهة أخرى تجاهلت جامعاتنا سياساتها ليس ذلك فحسب بل وناقضتها من خلال قبول كثير من هؤلاء الخريجين في برامج دراساتها العليا رغم تباين تخصصاتهم  بناء على موافقة مجالس الأقسام والكليات وإقرار بعض المقررات التكميلية لمعالجة ذلك الاختلاف.

وهناك العديد من الجامعات العربية والدولية العريقة التي تقبل في برامج الدراسات العليا للماجستير والدكتوراه مع وجود اختلاف في التخصص وتضع بدائل أخرى لمعالجة اختلاف التخصص كالمقررات التكميلية والبحوث الإضافية وغيرها.          

زِد على ذلك أن من شروط الترقية للدرجات الأخرى وهي الأستاذ المشارك والبروفيسور تتضمن أن تكون البحوث العلمية في مجال تخصص الدكتوراه العام أو الدقيق  ولا تقبل بغير ذلك ، ما يعني تركيز أداء العضو البحثي والأكاديمي عموماً طوال فترة خدمته في مجال تخصصه في شهادة الدكتوراه.

ما دعاني لكتابة هذا المقال هو أن الدولة وفقها الله أنفقت الكثير من المليارات على مشروع الإبتعاث الخارجي بالذات وعاد البعض منهم ليجد نفسه عاطلاً بدرجة دكتوراه أو ماجستير رغم حاجة الجامعات وتوفر الفرص الوظيفية الشاغرة أو المشغولة بمتعاقدين بعضاً منهم ليس لديه امتداد تخصص بالمعنى الدقيق.

والواقع أن جامعاتنا يكفيها التمسك بهذا الشرط مع المعيدين والمحاضرين فقط لأن إكمال دراساتهم العليا يقع تحت مسؤوليتهم من حيث اختيار بلدان الإبتعاث والجامعات وحتى التخصصات التي تحتاجها الجامعات ، وعليها السعي نحو استقطاب خريجي الابتعاث بالذات من حملة الدكتوراه  وإلغاء شرط امتداد التخصص إذا تم استيفاء الشروط الأخرى للتعيين.

ويمكن زيادة على ذلك وضع استراتيجيات وآليات مختلفة لفترة التجربة بعد التعيين كإطالة فترة التجربة والتقييم المستمر والمتنوع للعضو بعد التعيين وغيرها من الإجراءات اللازمة.

إن المرحلة الوطنية الحالية ممثلة ببرامج التحول الوطني ورؤية ٢٠٣٠ تستلزم من الجامعات خاصة إعادة النظر عاجلاً  في سياسات التعيين لحملة الدكتوراه من مشروع خادم الحرمين الشريفين.

والتخلص من بعض الإجراءات البيروقراطية القاتلة في عملية التعيين حتى لو لزم الأمر عمل برامج تأهيلية في جوانب التخصص المرغوبة بعد التعيين داخل الجامعات أو خارجها وتحمل المسؤولية الوطنية تجاه مشروع الابتعاث واعتباره أحد مشروعات الجامعة والتعامل بواقعية مع سلبياته من خلال الإسهام في معالجتها واستثمار إيجابياته العظيمة.