تعتبر دار الأوبرا الملكية بالدرعية التي تم الكشف عنها مؤخرًا، جزءًا لا يتجزأ من الخطة السعودية الرئيسية الأوسع لإعادة تطوير منطقة الدرعية التاريخية التي تقع على مشارف مدينة الرياض وتحويلها إلى وجهات ومجتمعات جديدة نابضة بالحياة مع دمجها في التراث الثقافي للمنطقة مع الحفاظ على الهندسة المعمارية السعودية.
ويعد مشروع دار الأوبرا الملكية في الدرعية الذي سيتم افتتاحه في 2028 دليلاً جديدًا على التزام المملكة بالاحتفاء بثقافتها الفريدة وتراثها الغني، حيث ستكون دار الأوبرا الملكية بالدرعية عنصراً أساسياً ضمن المرحلة الثانية من المخطط الرئيسي للدرعية التي ستكون منارة لرؤية المملكة العربية السعودية 2030، وإظهار الدرعية كمركز عالمي للثقافة والإبداع.
مساحة هائلة تستوعب الفعاليات الكبرى
من المقرر أن تبلغ مساحة دار الأوبرا الملكية في الدرعية 46 ألف متر مربع ويمكنها أن تستوعب حوالي 3500 شخص في أربعة مسارح رئيسية، بما في ذلك المسرح الكبير الذي يتسع لـ 2000 مقعد لاستيعاب الأعمال الفنية واسعة النطاق، إضافة إلى مسرحين صغيرين للاستخدام متعدد الأغراض، كما تضم الدرعية مسرحًا خارجيًا يتسع لـ 450 مقعدًا للعروض الخارجية.
تجربة ثقافية وترفيهية فريدة
تصميم مشروع دار الأوبرا الملكية في الدرعية يستلهم الطراز المعماري النجدي الأصيل، مع تطبيق أعلى معايير الاستدامة العالمية.
وتم تصميم المشروع على شكل مجموعة من المباني المترابطة بواسطة ممرات مفتوحة في جميع الجهات، مع حدائق خضراء مفتوحة لكل من زوار دار الأوبرا والجمهور على نطاق أوسع، وسوف يؤدي دمج وحدات التصميم مع بعضها البعض بسلاسة في توفير تجربة ثقافية وترفيهية ويعزز القيمة الجوهرية للموقع.
ويراعي التصميم المبتكر مزج الثقافة النجدية الأصيلة مع التصاميم الحديثة والفنون المعمارية المعاصرة، مع توظيف المساحات والإطلالات التراثية العريقة التي تتداخل مع الطبيعة الخلابة التي تزخر بها الدرعية.
مزج التراث والمناظر الطبيعية في تصميم معاصر
يتماشى تصميم دار الأوبرا الجديدة مع النماذج المعمارية التراثية الأصيلة في منطقة الدرعية كما يستلهم أدواته من الحرف المحلية والمناظر الطبيعية الصحراوية المحيطة بالأوبرا مثل مجاري الأودية الجافة، حيث يعتمد مفهوم التصميم على فكرة تشقق الأرض في مجاري الأنهار، بعد تعرضها لأشعة الشمس الحارقة، حيث تأخذ تشكيلات مختلفة منفصلة عن بعضها البعض لكنها مترابطة بفعل هذه الفواصل.
وقد استلهمت الشركة المصممة هذه الفكرة لتصميم مجموعة المباني التي تبدو وكأنها ترتفع عن الأرض مع وجود ممرات مفتوحة بينها من جميع الجهات، ومن خلال سعي التصميم إلى احتضان قيم الهوية الثقافية النجدية، فإن الخيارات المادية الطبيعية المستخدمة في البناء هي مزيج من النخيل والحجر التي تم مزجها مع عناصر البناء الحديثة.
كما استوحت الشركة المنفذة للمشروع، التصميم من خطية الأشكال الهندسية والتراث التاريخي والحرف اليدوية في المنطقة، والتي تم مزجها مع مجموعة متنوعة من المواد الطبيعية المتوفرة في المنطقة مما أدى في النهاية إلى تصميم متجانس ومميزة يستخدم الأشكال التقليدية في قالب عصري وحديث.
مناطق مظللة ومساحات خضراء
توفر مجموعة المباني التي تتكون منها الأوبرا إمكانية الوصول المفتوح بينهما، مما يجعل التنقل بين مباني دار الأوبرا في متناول الجمهور الخارجي أيضا حيث يضمن هذا الانفتاح أن يكون الجوهر الثقافي والترفيهي للموقع في متناول الجميع، ويمتد إلى ما هو أبعد من مجرد أولئك الذين يحضرون العرض.
وقد تم تصميم المباني بشكل استراتيجي لإنشاء مناطق خارجية مظللة توفر جيوبًا باردة بعيدًا عن أشعة الشمس كما يعزز الاختيار الدقيق للأنواع النباتية المستوطنة في المساحات الخضراء قدرًا أكبر من التنوع البيولوجي ويساهم في تعزيز الاستدامة البيئية.
طموحات الاستدامة العالية
تم تصميم المشروع لتحقيق الامتثال لأعلى اللوائح البيئية من خلال ترشيد استهلاك المياه والإضاءة واستراتيجيات الراحة الحرارية التي تقلل من هدر الطاقة والمياه غير الضروري، لقد تم مراعاة الاستفادة من المساحات المفتوحة والإضاءة الطبيعية بكفاءة في التصميم.
سيتم أيضًا تطبيق أساليب مختلفة لتقليل انبعاثات الكربون بالإضافة إلى ذلك، فإن سطح المبنى الأكبر سيكون أرضية مثالية لتطبيقات تكنولوجيا الطاقة الكهروضوئية، مما يساهم بشكل كبير في إنتاج الطاقة النظيفة في الموقع أو على مستوى الشبكة، كما سيتم تطبيق أسلوب مبتكر في التبريد في مناطق محددة من خلال ألواح السقف المبردة وتهوية الإزاحة.
تطوير الدرعية التاريخية
وتقع منطقة الدرعية التاريخية على ضفاف وادي حنيفة، وهي عاصمة الدولة السعودية الأولى وتشتهر بطبيعتها الفريدة، وقد عززت تاريخيًا مجتمعات الواحات في سلسلة من المدن والقرى باستخدام أسلوب الهندسة المعمارية النجدية لإنشاء هياكل مبنية بالكامل تقريبًا من الطوب اللبن، ومتجمعة بشكل وثيق لضمان حالة الظل الثابتة.
واليوم، تضم المنطقة تراثًا ثقافيًا محميًا وتشهد تحولًا كبيرًا لتصبح عاصمة ثقافية وتاريخية متجددة تم إعادة تطويرها مع أخذ التقاليد والتراث السعودي في الاعتبار.
تعاون جماعي
ويعد مشروع دار الأوبرا الملكية بالدرعية جهدًا جماعيًا مشتركًا يشمل تخصصات متعددة حيث اختارت شركة الدرعية، شركة سنوهيتا النرويجية المعمارية للتعاون في تصميم دار الأوبرا، بالتعاون مع الهيئة الملكية لمدينة الرياض، كما تعاونت الشركة النرويجية مع شركة سين Syn Architects وهي إحدى الشركات المعمارية الرائدة في الرياض والتي شاركت في تصميم العديد من المشاريع التراثية.