النائب الأسبق لوزير التعليم لشؤون الطالبات: تعرضت بعد دمج التعليم لحملات قاسية استمرت ثلاث سنوات

بداية قاسية حزينة شكلت وعي وأساس الدكتور خضر القرشي، كانت حياة صعبة لا توحي بالوصول إلى شيء مما وصل إليه فقد أصبح وكيل وزارة وأمين جامعة وعضو في مجلس الشورى.

في ضاحية من ضواحي مكة ولد، كان جده ووالده يمتهنان رعي الغني، يتنقلان من منطقة لمنطقة، وبعد ولادته بسنتين توفيت أمه بمرض الكبد.

لحظات صعبة عاشها الأب عندما مرضت الأم، كان يداويها ويحملها على ظهره في الانتقال وتجاوز الجبال، حتى ماتت وعمر الطفل سنتين.

جلس الطفل مع والده حتى أصبح عمره 6 سنوات، تنبه الأب إلى ضرورة أن يتعلم فأنزلنه إلى الطائف مع عمه (جبير) بالمدرسة في باب الريع وهي أول مدرسة بالطائف.

كان الطفل سعيدا أنه ذاهب إلى المدرسة مع أولاد عمه، لكنه فوجئ بالمراقب يريد أن يضربنه لتأخره عن موعد الحضور، بعدما اعتقد أنه أحد الطلاب المنتظمين، لكن الطفل هرب ولم يعد للمدرسة مرة أخرى.

الانتقال إلى حي جديد كان بداية جديدة للطفل، حيث رتب العم مع (سليمان المعلم) مدير مدرسة لتعليمه، وذهب واستقبله بطريقة حسنة وسمع قصته وظروفه الصعبة فقبله في (المدرسة الإيمانية)، وبدأ الدراسة وتخلص من الصدمة وتغير اسم المدرسة إلى (المدرسة الأميرية) والآن أصبح اسمها مدرسة ابن خلدون، يمر عليه الرجل ويتذكر طفولته.

في لقاء ببرنامج "ألف ميل" على التلفزيون السعودي، روى الدكتور خضر القرشي، قصة نجاحه بتفاصيلها الدقيقة، وكيف تولى مناصب وكيل لشؤون الطلاب ثم عميدا ثم أمينا عاما في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ومدير عاما للتعليم ثم وكيلا للوزارة ثم نائبا لوزير التربية والتعليم ومدير جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز.

يرى خضر القرشي أن النجاح يكمن في أمور بسيطة، وهي أن يعمل الإنسان وفق فريق ومنظومة عمل ولا يعمل بمفرده أبدا، وأن يكون عادلا وموضوعيا، فإذا توفر حسن النية والجد والاجتهاد والإخلاص لله والخوف من الظلم، تكونت قصة نجاح.

 

الطموح بعد التخرج

التحق خضر القرشي بمدرسة دار التوحيد بالطائف، وهي أول مدرسة ينشئها الملك عبدالعزيز في الحجاز من أجل محاربة الشرك والخرافات، يصفها بأن "منهجها قوي في اللغة العربية والشريعة كأنها جامعة".

 

يكمل قصة حياته مشيرًا إلى أنه عندما تخرج من الثانوية كان همه الالتحاق بكلية قوى الأمن الداخلي حتى التخرج برتبة ملازم بنجمة ويتزوج وينهي حياته دون دراسة، يقول إنه ذهب ومعه 4 من عيال عمه بسيارة إلى الرياض وبالمصادفة كلهم قبلوا وهو رُفض، وساعتها شعر أن مستقبله انتهى.

تغيرت الأمور صباحا حيث مر عليه زميل وأقنعه بالانضمام إلى كلية الشريعة بمكة المكرمة.

 

برنامج إذاعي كان وراء الرغبة في الابتعاث

في أثناء استماعه لبرنامج إذاعي اسمه (طلابنا في الميدان) من تقديم بدر كريم، أعجب بالطلاب في الخارج وهم يتكلمون عن الدراسة بالإنجليزية، فسأل عنهم قالوا هؤلاء طلاب يتميزون ويصبحون معيدين ويبتعثون.

أشار إلى أنه من حسن الحظ أنه لم يكن هناك معدلات حينها، فتمكن من الحصول على البكالوريوس، لكن كل أصدقائه قبلوا معيدين إلا هو.

وتحدث عن دعم أستاذ بالجامعة يدعى ناصر رشيد له، حيث وجهه بتقديم شكوى لمدير الجامعة حينها عبده يماني، حتى قُبل معلما في وزارة المعارف.

حملة المنابر على خضر القرشي
بعد كل هذا التعليم والعمل لفت خضر القرشي القيادة لإمكانياته، وأصبح أمامه مهمة جديدة لا بد أن يتولاها وسيحاربه عليها الكثير ولن تكون بالبساطة المتوقعة.

عندما انتقل إلى جدة ثم إلى الرياض، تسلم وكالة اسمها وكالة الوزارة للتعليم كانت معنية بالطلاب والاختبارات وليست معنية بالمناهج والمباني، كل وكيل وزارة له اختصاص.

في يوم من الأيام وصله اتصال من الديوان، فقد طُلب للحضور في جدة مع الوزير، وكان الملك عبدالله ولي العهد حينها في انتظاره، وعندما وصلا أخبرهما بقرار دمج التعليم البنات مع الأولاد، واختياره نائبا للوزير لتعليم البنات.
أكد أنه لعدم خبرته في التعامل مع الأمراء قال إن القرار صعب وخطير، إلا أن الملك عبدالله ولي العهد حينها رد عليه بأن القرار قد اتخذ.

وتحدث القرشي عن توابع القرار، موضحا أنه تعرض لحملة من المساجد وخطباء المنابر لمدة 3 سنوات مع اتهامات في الأخلاق والأمانة.

وقال إن الملك سلمان كان أميرا للرياض حينها ووجهه بزيارة المفتي والشيخ صالح اللحيدان لطمأنتهم.

عمل خضر القرشي بالنصيحة وذهب للشيخ اللحيدان وطمأنه بأن هذه البلد لن تؤتى في دينها أو أخلاقها أو عاداتها، وأخبره أن القرار أصدره ولي الأمر، وليس له إلا التنفيذ والإحسان فيه.

أشار إلى أن المعركة لم هدأ ولم تنته حتى أعفي الوزير، وجاء غيره، وهو محمد الرشيد، وتواصل معه حينها بعض الأمراء ورشحوه لمجلس لشورى.

استمر خضر القرشي 4 سنوات في مجلس الشورى، ولم يكن يتوقع التجديد لأنها كان من الذين يرفعون صوتهم في بعض الموضوعات وبعض المسؤولين يحبون الهدوء والصمت، على حد قوله.
ورد إلى خضر القرشي اتصال لإدارة جامعة الأمير مقرن، والتحق بها وتمكن من إعداد مناهجها والتعاقد مع أساتذة.

يشير إلى أنه تم استحداث قسم الأمن السيبراني قبل أن تنشأ الهيئة في الرياض، وكان ابنه أول الملتحقين فيه، وتخرج والآن وهو موظف في شركة.