‏لماذا نحب محمد بن سلمان، ولماذا يعادونه؟!

تركي حمدان
تركي حمدان

تركي حمدان

‏شاعر وكاتب سعودي. عمل صحفياً ومحرراً في عدة مؤسسات إعلامية. صدر له ديوان "موسيقى"

‏لا أتحدث هنا عن محبةِ وولاءِ الشعب السعودي للأسرة المالكة الكريمة فهذا أمر راسخ بتاريخٍ يمتد إلى ثلاثمائة عام من حكمةِ ومحبةِ القادةِ لشعبهم ومن طاعةِ ووفاءِ الشعب لقادته؛ إنَّ ولاء السعوديين لقادتهم، قبل أن يكون قناعةً بأن هذا الوطن لم يكن ولن يكون له وجود حقيقي إلا بقيادة آل سعود، هو بيعةٌ لا نكوص عنها ومن يفعل فقد خان دينه وأهله ووطنه.

‏إنما حديثي هنا عن أسباب أو بعض أسباب المحبة والشعبية الكبيرة التي يحظى بها ولي العهد من أبناء شعبه، هذه المحبة التي يصعبُ على بعضٍ من غير السعوديين أو من غير الخليجيين فهمها، فثقافة كثيرٍ من الأمم لا تعرف معنىً كريماً لاعتزاز شعبٍ بقادته، لذا لا تجد في أدبياتهم تفسيراً لذلك الاعتزاز إلا أنه نتاج رهبةٍ أو رغبة، خوفٍ أو طمع؛ ولعلنا نجد لهم بعض العذر في ذلك، فتاريخ "بعض" الشعوب مع قمع السلطة ونهب الثروات والتفرقة بين أبناء الشعب الواحد جعل من الصعب عليهم تصورُ وجود علاقة محبةٍ واعتزاز -ليست مدفوعةً بخوفٍ أو طمع- تجمع بين القائد وشعبه كالتي تجمع بين أبناء السعودية ودول الخليج عامة وبين قادتهم. لذا فهم يرونَ كل افتخارٍ بالوطن رضوخاً وتطبيلاً وكل خيانةٍ له شجاعةً وثورة، وهذا لعمري من المضحكات المبكيات!

ولهم أقول، نحن السعوديين نحب محمد بن سلمان لأنَّهُ:

‏-بث الحياة في عقل وقلب المجتمع حين منحنا اليقين بأننا أمةٌ لها رؤية وأهداف تسعى لتحقيقها، يحمل قناعةً هي الأصوبُ بأن لا ثباتَ في مسير الأمم، فإما مواصلة الصعود أو التراجع، وبأنّ أمةً بلا هدف ليست أكثر من ثلاجة موتى.

‏-سنَّ وفعّل القوانين التي تحمي وتعزز جودة حياة فئات من الشعب لم تجد من القوانين ما يكفي لحمايتها أو أن القوانين وإن كانت موجودة سابقاً إلا أنها لم تفعل لسببٍ أو لآخر.

‏-مكن بنات هذا الوطن من حقوقهن التي منحها لهن ديننا الإسلامي وكنَّ محروماتٍ منها بسبب عاداتٍ دخيلةٍ على مجتمعنا ساهم في ترسيخها فئةٌ من الحكائين المنسوبين للعلم الشرعي وهو منهم براء.

‏-آمن بأن أبناء وبنات هذه الأرض لديهم من الكفاءة علمًا وابتكارًا واجتهادًا ما يماثل أو يفوق ما لدى أكثر الشعوب تقدمًا، ولذا دعم كل ما من شأنه مساعدة أبناء وبنات بلادنا في استثمار مواهبهم بما يحقق طموحاتهم ويعود بالنفع عليهم وعلى وطنهم.

‏-نقل اقتصاد المملكة من مساره الريعي البدائي القائم على البيع والاستهلاك -ذلك المسار البائس الذي وإن طال زمن نفعه إلا أنه قابلٌ للانهيار في أي لحظة إلى المسار الملائم والآمن والبنَّاء لدولةٍ تمتلك من المقومات ما يؤهلها للوقوف جنبًا إلى جنب مع الاقتصادات الأعظم في العالم.

‏-رفض سياسة الاسترضاء في التعامل مع الدول، متخذًا المنطق السياسي الطبيعي لدولةٍ تمتلك قوةً اقتصاديةً وعسكريةً كافية للردع و للدفاع.

‏-آمن، وحُق له ولنا بأن حضارتنا وثقافتنا السعودية الضاربة في عمق التاريخ تستحق العمل على تعزيزها والافتخار بها، وهي الحضارة العظيمة التي لطالما حاول الشعوبيون وبعضٌ من جهلةِ العرب طمسها والاستخفاف بها، لذا حث ولي العهد وأمر بإقامة وتفعيل كل نشاط ثقافي من شأنه تعزيز وحماية هويتنا الوطنية.

‏-منع متحزبي ومتطرفي رجال الدين من المتاجرة والتلاعب بالعواطف الدينية للمجتمع، وحماه من شر تسلطهم؛ مع الحفاظ الكامل على المكانة الرفيعة والمستحقة للعلماء.

‏هذه بعضٌ من أسباب الشعبية الكبيرة لولي العهد السعودي بين أبناء شعبه، شعبيةٌ لا يمكن للمراقب إلّا أن يلحظ امتدادها بين كثيرٍ من أبناء العالم العربي والإسلامي بعد أن شهدوا عظم الأثر الإيجابي الذي جاءت به رؤيته وقراراته وسياسته على وطنه وأبناء وطنه.

‏ولذات الأسباب تجد هذا العداء الذي يكنه قادة بعض الدول وبعض الأحزاب القريب منها والبعيد لهذا القائد الأبرز، عداءٌ أجد أن من السهل فهمه حين ننظر إلى الحال البائس التي تعيشها شعوب ودول أولئك القادة؛ ولذات الأسباب أيضاً نرى عِظم الصدمة التي أحاطت بقادةٍ آخرين بعد أن أفشل الأمير الشاب مخططاتهم الساعية إلى نشر الفوضى والخراب في معظم دول الشرق الأوسط، تلك المخططات التي عملوا عليها جاهدين متعاضدين لما يقارب العقدين حتى ظنوا بأنها قد أوشكت على التحقق فإذ بهم يصدمون بسياسةٍ سعوديةٍ يقودها الأمير الشاب تعيد ترتيب المشهد ليس الأقليمي وحسب بل العالمي برمته.