بعد عقود من نجاح فصل التوائم السيامية في السعودية: أنتم في أيد أمينة

الوئام – خاص

في 31 ديسمبر 1990م، قاد الجراح السعودي الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة، فريق طبي تم اختياره بعناية فائقة لإجراء أول عملية فصل لتوأم سيامي ملتصق في منطقة البطن بالمملكة، حيث تكللت العملية التي أجريت في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، بالنجاح.

وبعد قرابة عامين استقبلت السعودية أول توأم سيامي من دولة أجنبية لإجراء عملية فصلهما بعد نجاح العملية الأولى، حيث جاء التوأم السوداني سماح، وهبة، إلى المملكة في عام 1992، وقاد الدكتور الربيعة أيضا الفريق الطبي كما رافق هذه العملية تشكيل فريق متكامل ومتخصص لإجراء هذه العملية.

وبعدما تكللت تلك العملية بالنجاح بدأ التفكير في إنشاء البرنامج السعودي لفصل التوائم السيامية، وأصبحت السعودية الدولة الرائدة في إجراء مثل هذه العمليات الجراحية الدقيقة التي تتطلب خبرات طويلة وفريق عمل متكامل فضلًا عن تكلفتها المالية المرتفعة.

الإنسانية أولا

ومنذ اللحظة الأولى قررت المملكة تحمل الأعباء المالية لإجراء هذا النوع النادر من العمليات، ليس هذا فحسب بل تتكفل المملكة بنقل التوأم السيامي من بلده بطائرات الإخلاء الطبي كما تتكفل بمصاريف إقامة ذوي التوأم السيامي في المملكة خلال فترة تلقي العلاج قبل وبعد وأثناء إجراء العملية، لتضرب بذلك المملكة المثل في العطاء والعمل الإنساني الذي لا يميز بين شخص وآخر بحسب الجنس أو اللون أو الدين أو أية اعتبارات أخرى، لأن المملكة تضع العمل الإنساني على رأس الأولويات.

مع العلم أن تكلفة عملية فصل التوائم السيامية تتراوح ما بين 300 ألف ريال إلى مليون ريال، تتكفل بها المملكة بالكامل، بما في ذلك إقامة الأسرة، ومتابعة علاج الأطفال السياميين حتى بعد عودتهم مع إلى بلادهم لفترة تمتد إلى عام وأكثر بحسب كل حالة.

ولا تنقطع علاقة المملكة بالأطفال السياميين بعد إجراء عمليات فصلهما ، بل يحرص المستشار في الديوان الملكي والمشرف على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبدالله الربيعة، على لقاء هؤلاء التوائم في كل مناسبة تتاح له بل منهم من يلتقيه أكثر من مرة في إطار من العلاقة الأبوية بينه وبين الأطفال الذين كانوا يومًا ما في وضع صحي صعب للاطمئنان عليهم واستمرار علاقة التواصل معهم على كافة المستويات.

نقل العلم والمعرفة

ويشارك في عمليات فصل التوائم في السعودية فريق طبي متخصص ومتكامل يشمل قرابة 70 شخصًا ما بين طبيب وفني يشاركون معًا في تنفيذ عمل منسجم يستغرق عدة ساعات حيث تجري عملية الفصل على عدة مراحل، كما تسمح المملكة لأي طبيب يرغب في المشاركة أو حضور عملية الفصل وفق الضوابط المحددة لذلك كما يتم تصوير جوانب من عمليات الفصل ونقلها عبر وسائل الاتصال الحديثة لتدريب طلاب كليات الطب والخريجين الجدد على مثل هذا النوع من العمليات الدقيقة.

كما تحرص السعودية ممثلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والمشرف العام الدكتور عبدالله الربيعة على نقل التجربة السعودية في مجال فصل التوائم السيامية إلى العالم، حيث يشارك في العديد من المؤتمرات والفعاليات البحثية والطبية على مستوى العالم ليطلع الجميع على آخر ما وصلت إليه السعودية من نجاحات في هذا الشأن.

أرقام قياسية

ومنذ عام 1990 أشرف برنامج فصل التوائم السيامية في السعودية على فصل قرابة 60 توأمًا سياميًا من أكثر من 25 دولة في ثلاث قارات، ويتابع المركز الحالة الصحية لقرابة 130 توأما حول العالم، ولا يزال البرنامج يتابع مبادراته الإنسانية الطبية الفريدة، بتوجيه ودعم مباشر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد رئيس مجلس الوزراء، سمو الأمير محمد بن سلمان، ليؤكد للتوائم السيامية حول العالم بأنهم في أيد أمينة وأن المملكة حريصة كل الحرص على نجاح مثل هذه العمليات النوعية.

لقد منح البرنامج السعودي لفصل التوائم السيامية الأمل لمئات الأطفال السياميين الذين تمكنوا من الاستمتاع بحياتهم مثل باقي الأطفال الأسوياء كما ساهم في التخفيف من معاناة أسرهم وذويهم سواء فيما يخص تكلفة عمليات الفصل أو الرعاية الطبية اللاحقة لتلك العمليات على مدار العقود الماضية.

نسبة نادرة لكنها مزعجة

وبالرغم من أن نسبة الحمل بالتوأم السيامي نادرة إلا أنها مزعجة جدًا سواء للأطفال الذين لا يمكنهم العيش معًا في حالة التصاق، أو للأسر التي لا تمتلك خبرة كافية في التعامل مع تلك الحالات.

وبالرغم من أنه لا توجد أسباب محددة عمليًا لعملة الحمل في التوائم الملتصقة، إلا أن المعلومات المتوفرة حتى الآن تشير إلى أن التوائم الملتصقة لا تحدث إلا في المرأة التي تولد توائم متطابقة من بويضة واحدة وبشكل وراثي، وهذا يحدث بنسبة نادرة وضئيلة جدًا هي واحد في الألف.

وتتركز التوائم الملتصقة بشكل أكبر في الدول الأفريقية أو في نصف الكرة الجنوبي بشكل عام بينما تندر في نصف الكرة الشمالي، بحسب الملاحظات العلمية، ولكن ينصح في جميع الأحوال لكل امرأة أن تتابع مع الطبيب المختص خلال فترة الحمل خاصة عند الحمل في توأم.

إن النجاح الذي حققه البرنامج السعودي لفصل التوائم السيامية يعكس الكفاءة والقدرة التي حققها الأطباء السعوديون في هذا التخصص الدقيق من جهة ويعكس من جهة أخرى الجانب الإنساني الكبير الذي تقوم به المملكة حول العالم وهو بطبيعة الحال لا يقتصر على هذه العمليات فقط بل يتنوع ليشمل العديد من الأعمال الإنسانية في كافة دول العالم.